علي حسينيبدو أن السيد حليم سلمان رئيس تحرير مجلة الشبكة العراقية، لا يجيد القراءة باللغة العربية، أو أن ثقافته الموسيقية العميقة لم تسعفه ليدرك أو يفهم أن الحروف التي سكبها على احد المواقع الالكترونية يوم أمس مبنية على جهل واضح وصريح بمعايير مهنة الصحافة، فكاتب المقال الذي لا يزال في مرحلة الطفولة الصحفية، لا يتورع عن انتحال شخصية العارف بدهاليز الإعلام
حين يتهم صحيفة بحجم ومكانة المدى بأنها تفتقر إلى شروط المهنية متحدثا باعتباره الممثل الشرعي لإعلام ما بعد 2003، وهو بالفعل ممثل لكنه فاشل حتى وان حاول أن يلعب دور البطولة. تحت عنوان "رد على فتوى قناة العراقية"، سكب حليم ما يشبه المقال مقترفا فيه مجموعة من الخطايا المهنية، بداية من الكليشة الجاهزة من أنني أنفذ أجندات مدفوعة الثمن للنيل من حجم الانجازات المتحققة على ارض الواقع، والتي يراها رئيس تحرير مجلة الشبكة من خلال الانجازات العملاقة في كل المجالات خلال السنوات الماضية، ويبدو أن السيد الكاتب لا يرى من العراقيين إلا من أسعدهم زمانهم وتابعوا "مقلوبة" العراقية، على أن الأمر لا يخلو من طرائف أخرى، منها مثلا أن الأخ الخبير الإعلامي نصّب نفسه متحدثا وحيدا باسم القيم الأخلاقية، يوزع صكوكها على هذا ويمنعها عن ذاك، فمن دخل حظيرة الحكومة فهو مؤمن يخاف الله، أما من اختلف معها، أو رأى أن بعض مؤسساتها ترتكب أخطاء مهنية ومالية، فهو خارج عن الملة ومارق على الدين ويمارس الفسق الضلال. طبعا لا أحد لا يستطيع أن يصادر حرية البعض في الدفاع عن مؤسسات يقبضون من ورائها الملايين، كما لا يحق لأحد أن يطلب منهم أن يكفكفوا دموعهم الصناعية وهم يرون البعض من امثالنا لا يعرفون ان العراقيين، امة تتبع الاديان السماوية التي تحرم ما يدافع عنه كاتب المقال – الذي هو أنا طبعا– فالسيد مفتي قناة العراقية "حليم سلمان" يعترف ان القناة اضطرت لحذف مشاهد عديدة من مسلسل عادل امام لان هذه "المشاهد فيها من الإخلال بالآداب العامة والتجاوز على الناس في حرمة الشهر الفضيل، وانه من الواجب الانتباه الى ان قناة العراقية، هي القناة الرسمية والممولة من المال العام، فالأحرى ان تحترم عقول مشاهديها، وان لا تتجاوز حدود المعقول، وان تأخذ بنظر الاعتبار ان أغلبية العراقيين لا يحبذون مشاهد الخلاعة والخمر والحانات، وهي لا تتناسب مع القيم الأخلاقية للعائلة العراقية، وليس من المصلحة العامة ان نتبنى هذا الخط "الضال". واعتقد ان مفتينا المحترم والذي قضى جزء من حياته في "مـ........عمان" وبعدها في لندن يدرك جيدا ان العراقيين لا يعيشون عصور الجاهلية، وان كبسة زر بسيطة ستنقلهم إلى محطات فضائية كثيرة تعرض المسلسل دون أن تحذف منه مشهدا واحدا، إلا إذا كان السيد حليم يعتقد ان هذه الفضائيات تتبع أقواماً لم تدخل في دين الإسلام بعد، وان مشاهد الحانات والرقص "حلال" عندهم فيما نحن عباد الله الصالحين علينا الالتزام بوصايا المفتي رئيس تحرير مجلة الشبكة وهي الوصايا التي تستند في مرجعيتها الى الحملة الإيمانية التي فجرها "القائد الضرورة" قبل أكثر من خمسة عشر عاما.غير أن المحير أكثر هو هذا التناقض الواضح لدى السيد حليم وبعض القائمين على قناة العراقية، بين الإحساس بالخجل من مشاهد سيئة السمعة حسب نظرهم، وبين قتالهم العنيف من أجل شراء المسلسل بمبالغ باهضة، ناهيك عن تناقضات أخرى مضحكة بين سيل التصريحات بخصوص الفضيلة والحشمة والقيم العراقية التي يحسدنا عليها العالم أجمع، وبين عصبية السيد كاتب المقال، وهو يتحدث عن الأخطار المحدقة بالعراقيين لو شاهدوا هذه المشاهد على نحو يجعلك تتخيل أننا نعيش في جزيرة معزولة، وان جيوش الرذيلة وعصابات الضلال تقف على الحدود فى حالة تأهب لافتراسنا وتدميرنا.وألفت عناية مفتينا المبجل إلى أن التعليق وإبداء الرأي في الأخطاء التي ترتكبها بعض المؤسسات، ليس من قبيل ارتكاب المعاصي التي تخرج أصحابها من دينهم وتوردهم التهلكة. فليبك العلامة حليم سلمان على حال قناة العراقية كما يشاء، لكن دون أن يشكل محاكم تفتيش تنزع عن الناس وطنيتهم وانتماءهم لهذا البلد.بالمناسبة: كم هو المبلغ الذي دفع في مسلسل عادل إمام؟.. وما معنى أن يعرض المسلسل بعد منتصف الليل، وبعد أن يشبع العراقيون نوماً، وتستهلك عرضه أكثر من فضائية عربية.هل من مجيب؟ وفي النهاية لا يسعني إلا أن أقول: قليلا من الخجل أيها "العازفون" الصغار.
العمود الثامن: تذوق التلفزيون بتوجيهات خبير و"حليم"
نشر في: 28 يوليو, 2012: 09:48 م