علاء حسن في واحدة من مدن جنوبي العراق عرفت بنت رويس بانها كانت وصيفة نساء كبار الاقطاعيين ، والوصيفة في ذلك الزمن تستمد قوتها ونفوذها وهيمنتها من سلطة سيدتها ، وبنت رويس تنكرت لواقعها الطبقي ، واصبحت اداة بيد حرم المحفوظ ـ تستخدمها متى شاءت في تشغيل منظومة "العد والوصف" ضد الضراير من نساء الشيخ الاخريات ، خصوصا حينما تحتدم الساحة المحلية بفعل غياب المحفوظ .
لا تقتصر مواهب بنت رويس في الدفاع عن سيدتها بترصين الجبهة الداخلية ضد الضراير ودورها يتعدى هذا النشاط ، فهي تقوم بأمور وقضايا اخرى تتعلق بالتجميل واعطاء دروس في تعلم واجادة الغنج النسائي في كسب ود الشيخ ، ومواهب بنت رويس متوارثة وليست مكتسبة ، ولاسيما ان المعلومات عنها تشير الى انها تنحدر من اسرة وصلت من بلد مجاور في العراق ، واستقرت في المدينة الجنوبية ، و كانت تمارس السحر وقراءة الكف ، وتركيب اسنان الذهب ، والاسرة انقرضت بفعل الامراض . بعد 14 تموز من العام 1958 حصل تحول في حياة بنت رويس ، فبعد تطبيق قانون الاصلاح الزراعي ، فقد الاقطاعيون نفوذهم ، فانتقلت بنت رويس الى اصحاب النفوذ الجديد لخدمة زوجاتهم في المدن فغادرت الأرياف وأخذت تتعامل مع رجال من صنف آخر يردد مفردات الديمقراطية الاستعمار الرجعية التقدمية الاشتراكية، الوحدة العربية ، وبمرور الزمن حفظت البنت تلك الكلمات ،من دون ان تفهم معانيها. ورصيدها المعرفي الجديد حصلت عليه اثناء سماع احاديث الرجال في جلساتهم الخاصة او اثناء عقد الاجتماعات فهي مكلفة من قبل ربة البيت برعاية شؤون الضيوف. بنت رويس دخلت المعترك السياسي من دون ان تعلم ، وعن طريق السماع وبمرور الزمن عرفت ان الاحزاب السياسية متصارعة وليس دائما على ما يرام وفي بعض الاحيان تخوض اشتباكات مسلحة تسفر عن سقوط قتلى وجرحى في معارك الدفاع عن الديمقراطية او تحقيق الوحدة العربية ، وقطع اذناب الرجعية والاقطاع .باحتدام صراع القوى السياسية وفي مدينة صغيرة لاتحتوي على شارع مبلط ومحطة كهرباء وشبكة توزيع الماء الصافي، استخدمت الاطراف المتنازعة مواهب بنت رويس ، فالطرف الاول طلب منها شتم الديمقراطية والاشتراكية و الصداقة السوفيتية ، والثاني علمها قول ابيات من الشعر، يتضمن التنديد بدعوات اقامة الوحدة العربية ، وفي لحظة المواجهة ، يرتفع صوت بنت رويس وسط ارتياح المتنازعين .في الساحة العراقية اليوم اكثر من شخص يقوم بدور بنت رويس ، ومهمته ان يشعل المواقف ويوجه الاتهامات الى الجميع باستثناء ولي النعمة ، وفي زمن الزعيم عبد الكريم قاسم كانت بنت رويس واحدة فقط ، اليوم يرى العراقيون وعلى مدار الساعة وعبر الفضائيات المدعومة من دولة جارة شخصيات رجالية ونسائية تفوقت على اداء بنت رويس في اثارة الصراع بين الضراير من نساء المحفوظ الف رحمه على روحه فبغيابه بدا العراق يستورد الحنطة والهوش والثيران من استراليا .
نص ردن :بنت رويَس
نشر في: 29 يوليو, 2012: 08:28 م