بغداد/وائل نعمة اشعار رسالة نصية "مسج " قتل السكوت في دار كبيرة تخلو من احد سوى رجل وزوجته العجوز .تقول الرسالة " ابي وامي لن استطيع ان اكون في هذا العيد بينكم ...سلامي للجميع ".عذرا يبدو اننا بدأنا القصة بالمقلوب، ولو ان الكثير من الاحداث في العراق
تبدو معكوسة! عام 1979 ودعت العائلة ابنها البكر بعد ان تسلم صدام حسين زمام السلطة. هرب عدنان خوفا من زنازين "البعث"، بعد حملات شعواء طالت الكثير من معارضي النظام في ذلك الوقت،اختار لندن لإقامة دائمية.ام عدنان من سكنة مدينة الحلة ، حين بدأ "الرفاق البعثيون " بقمع الانتفاضة التي اعقبت غزو صدام الكويت يجوبون الشوارع ويأخذون الشباب بشكل عشوائي لاكمال العدد المطلوب منهم ، وضعت "عباءتها" فوق رأسها وسحبت "حيدر"الابن الثاني الذي يعد نفسه للدخول الى كلية الهندسة في ذلك الوقت، واخذته الى بيت اخيها خوفا من "البعثيين". في الطريق التقت مع مجموعة من "اهل الزيتوني " مسؤولي المنطقة الحزبية، وطلبوا منها ان يأتي "حيدر " معهم الى الشعبة الحزبية وبعد دقائق سيعود اليها، وسواء صدقتهم ام لا كان الامر محسوماً، ابتعد عنها ولم تفلح توسلاتها ولا دموعها بتركه، وزادت المسافة بينها وبينه مع تأكيد "الرفاق "، " سيعود بعد دقائق". العائلة فقدت الابن الثاني ولم تعثر عليه الا بعد سنوات في المقابر الجماعية في منطقة المحاويل حين حفر الاهالي بمساعدة الامريكان ارضا واسعة قرب المحاويل .كان الجميع يعرف بانها مقبرة تضم ضحايا الانتفاضة ولكن مسكوت عنها بأمر الحزب ! وهربت العائلة الابن الثالث الى هولندا قبل ان يكون مصيره مثل اخيه بعد تهديدات القاعدة.وفي تقرير صدر يوم امس عن اللجنة الوطنية للسياسات السكانية التابعة لوزارة التخطيط والتعاون الانمائي يقول ان نسبة (51) بالمئة من الأسر النازحة لم تستقر في محافظاتها الأصلية،مؤكدا ان نسبة الهجرة من العراق عن طريق اللجوء تقدر بـ 15 %. يروي عراقيون اثناء الطريق بالسيارات العمومية وفي جلسات المقاهي مشاهد مصورة منقولة عن طريق الانترنت او الفضائيات او عن لسان شخص اخر حول الحياة في اوروبا وامريكا واوضاع المعيشة واحترام حقوق الانسان .يقول شاب منتقدا تكدس الازبال في ركن شارع رئيسي " لو كنا في السويد لتحمل جميع اصحاب المحال التجارية غرامة مالية كبيرة لرميهم النفايات في الشارع ".ويضيف " لن ابقى هنا سأحاول الهجرة الى اوربا". يقضي شباب في دول المهجر ساعات يتذكرون شوارع ومقاهي في مدنهم ،ويحنون الى الأكل والشاي العراقي ويسمعون اغاني ياس خضر وحسين نعمة ، ولايصدق من لايزال في العراق من يقول لهم " اشعر بالغربة ".يقول محمد لطيف 27 عاما وهو يفكر بالهجرة الى اميركا " بطرانين ...يعيشون افضل حياة في اوروبا ويبكون من الغربة".ويضيف التقرير عن وزارة التخطيط ان دوافع الهجرة مازالت قائمة لاسيما بين فئة الشباب، كاشفا عن ان (17) بالمئة من الشباب بعمر (18 ـ 30) عاما يرغبون بالهجرة خارج البلاد، ويفضل (53) بالمئة من هؤلاء الذهاب الى دول اوروبية و(24) بالمئة الى دول عربية، و(13) بالمئة الى دول مجاورة و(9) بالمئة الى اميركا، منوها بان سكان المناطق الحضرية هم اكثر ميلا للهجرة بنسبة (18.5) بالمئة من نسبة سكان الأرياف التي بلغت (13) بالمئة فقط.
عراقيو الخارج يحلمون بالرجوع.. والداخل يصفهم بـ"البطرانين"
نشر في: 29 يوليو, 2012: 09:27 م