TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية:خائفون على سوريا

أحاديث شفوية:خائفون على سوريا

نشر في: 29 يوليو, 2012: 09:55 م

 احمد المهنا جميع ذوي الضمائر يضعون ايديهم على قلوبهم خوفا على مصير سوريا. فالحال مريرة للغاية اليوم. والحال مجهولة للغاية في الغد. والمجهول لا يقل مرارة عن المعلوم، ولو كان هذا المعلوم أشد الأنظمة بطشا.ان للشر مصدرا واحدا في حالة الصراع بين الدكتاتورية والشعب، أو بين الجلاد والضحية. حيث المعادلة بسيطة، والحدود دقيقة، والمواقف محسومة. ولكن الحال مختلفة عندما تنهار الدكتاتورية، وتسقط راية الشر الوحيدة، لترتفع من بعدها رايات الطيف الذي لا حدود ولا نهاية لألوانه، ولا ضوابط أو سدود أمام أمواجه، ولا خبرة ولا معرفة بحاجاته ورغباته ونزواته وأهوائه.
طب الأجسام نوعان من العلاج: العقار والجراحة. والسياسة هي طب المجتمعات. والعلاج فيها نوعان أيضا: اصلاح وثورة. الأول متعذر وعصي مع الدكتاتوريات العربية من نوع صدام والقذافي والأسد. بالقوة يحكمون وبها فقط يزاحون. وثمة قوة عارية وأخرى بأثواب. كانت قوة القذافي عارية. لا فكر لها وان يكن لها هدف واضح هو السلطة. صدام مع انكماش سلطته بعد حرب 1991 تراجع للاحتماء داخل أسوار الطائفة. ولكن تلك الأسوار لم تكن منيعة لأن اللجوء اليها جاء متأخرا، ولأن الطائفة كانت تكتيكا عابرا لدى صدام. ولكنها في حالة الأسد كانت استراتيجية ذات أبعاد اقليمية، جعلت من نظامه جزءا من عقيدة حكومة الملالي في ايران والدوائر التابعة لها في العالم العربي. فلبشار مكانة لدى معظم حركات الاسلام السياسي الشيعي. وقد أمدَّته هذه الاستراتيجية بالقدرة على المقاومة والاستمرار.دكتاتورية الأسد ليست عارية. فهي ترتدي في السر أثواب الطائفة. وترتدي في العلن ثياب "جبهة المقاومة والممانعة". تحكم في الممارسة بتكوينات اجتماعية تنتمي الى العالم القديم، وتحكم في النظرية بفكرة "القومية" العصرية، المستقلة المناهضة للغرب. وكل من له شغلة أو حسبة في السياسة الدولية ضد الولايات المتحدة يمكن أن يعطف على دكتاتورية بشار. من روسيا والصين المتعارضتين، الى الهند وباكستان المتعاديتين.هذه الأردية ومتعلقاتها الإقليمية والدولية تجرىء النظام السوري على الذهاب الى أبعد الأشواط في ارتكاب الفظائع. ولكنه كلما أمعن في الوحشية سيجد ان الهدف ازداد ابتعادا عنه. فالثورة لن تسكن. والثوار لن يعودوا الى بيت الطاعة. حتى بعد القضاء على الدكتاتور لن يعودوا الى الطاعة، ولو الى حكم القانون. وهذه هي مشكلة المستقبل. فالدكتاتور شخص. والدكتاتورية سلسلة كامنة من الأمراض تظهر بعد نهاية الدكتاتور.ان اول شغل الدكتاتور مع العقل. يعمل بكل قوة على ابادة العقول في بلده حتى يتاح له الحكم بعقل واحد. عقله. ان السياسة، أو ادارة المجتمع، هي عمل جماعي. لكن الدكتاتورية تحوِّل  السياسة الى عمل فردي. الواحد يحكم والآخرون يخدمونه. انها سلطة الابادة الجماعية للعقول. وسلطة الدمار الشامل للنفوس. وهي العقول والنفوس التي ستتولى، بعد نهاية الدكتاتور، قيادة المرحلة الانتقالية.الى أي مدى دمرت الدكتاتورية العقول والنفوس في سوريا؟ كثيرون يقولون ان الدمار لن يقل عما جرى في العراق. ظواهر الأمور لا تدل على ذلك. فلم يبرز بين العراقيين، في مرحلتهم الانتقالية غير المعروف الى أين، أمثال برهان غليون وميشيل كيلو وآخرين وأخريات كثيرين وكثيرات. فهل ستكون هذه الظواهر كافية لمنع"البواطن" من تكرار السقوط في المنزلق العراقي؟جميع ذوي الضمائر خائفون اليوم وخائفون غدا على سوريا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram