علي حسين يفضّل الإعلامي المعروف والنائب الحالي حسن العلوي أن يصوغ بياناته الإعلامية على طريقة مسرح "المونودراما" حيث الخشبة لا تتسع لأكثر من ممثل واحد يلقي من خلالها "منولوجا" طويلا بلا فوارز ولا تنقيط، صوت واحد لا يقبل الجدال. سيقول البعض ما مناسبة هذا الكلام.. المناسبة إن حسن العلوي خرج علينا أمس ببيان يوزع فيه الألقاب والرتب ويعطينا درساً في التاريخ والجغرافية.واسمحوا لي أن أنقل نصاً من بيان أصدره أمس يقول فيه "إن وصف القرضاوي الزعيم الديني الذي يتبعه ملايين المسلمين،
بأنه أسوأ العمائم إنما هو نزَق سياسي وانفلات الضوابط الأخلاقية في التعامل مع فقاء الأمة ومفكري العرب البارزين"، طبعا من حق النائب العلوي ان يجهر بحبه للقرضاوي وان يغني على الربابة أبيات غزل في فقيه الأمة الأوحد، ولكن من حقنا نحن أيضا ان ننظر الى القرضاوي بنفس النظرة التي ظل ولا يزال ينظر بها الى الشعب العراقي بكل طوائفه ومكوناته.. ولعل السيد العلوي وهو الإعلامي البارز يتذكر كيف أن فقيه الأمة ظل يلاحق العراقيين بالشتائم والسباب لأنهم فرحوا ورقصوا باندحار عصر الدكتاتورية.. وكيف خرج علينا مفكر العرب والمسلمين وهو يقدم التعازي الى الأمة العربية بفقدها "القائد الضرورة"، وكيف ان فقيه السيد العلوي ظل يمجد الأنظمة القمعية ويصف كتاب القذافي الأخضر بأنه دليل الأمة ومرشدها، ويطلق على مهرج اليمن علي عبد الله صالح لقب حكيم صنعاء وموحد اليمن.. ولان المثل يقول "لا ينبئك مثل خبير" فأنني احيل الاستاذ العلوي الى الحلقات التاريخية التي سجلها شيخ الأمة في سوريا وبثت من خلال التلفزيون السوري الرسمي عام 2004 والتي قال فيها شيخنا المناضل بالحرف الواحد: "انني أحيي صمود وبسالة الرئيس بشار الأسد صاحب العقل المتفتح والذي ثبت إقدامه في الحق وهو يقف ضد الأمريكان الكفرة الذين يريدون استباحة ارض المسلمين وقال لهم لا"، طبعا كلمة "لا" التي أطلقها الرفيق بشار الأسد كانت أفواجاً من الإرهابيين وأرتالا من السيارات المفخخة التي ضربت كل مدن العراق.. كما أحيل السيد العلوي إلى أرشيف القرضاوي نفسه ليقلب في صفحاته فماذا سيجد؟ سيجد صورة الزعيم الديني وهو يقف مبتسما إلى جانب العقيد المجنون وتحت الصورة عبارة للقرضاوي وبالخط العريض تقول: "قيادة ثورة الفاتح تعمل من اجل الأمة الإسلامية والعربية"، فما الذي تغير فالقيادة نفسها، والأخ العقيد الذي ظل يحكم شعبه بالحديد والنار طوال أربعة عقود هو نفسه الذي طالب القرضاوي الأمريكان "الكفرة" بقتله.. ثم ما الذي جعل الشيخ يستل سيف النضال ويدخل الربيع العربي باعتباره احد قادته ويصبح الناتو والأمريكان اقرب للمسلمين من حبل الوريد.. وهو الذي طالما تغنى ببطولات الملا عمر وأبو مصعب الزرقاوي وجهادهم ضد الأمريكان، فالرجل الذي يدعي وصلا بالربيع العربي ويزعم انه من الإسلام المعتدل ويخادع الناس بكلمات منمقة عن التسامح والمحبة لا يتردد في أحيان كثيرة من لبس دروع هولاكو وخوذة الجلادين في التشريع والإفتاء لفنون القتل والذبح التي مارستها الجماعات المتطرفة، فعمليات تفجير السيارات التي تحصد العشرات، وعمليات الذبح المتلفزة، وتقديم الأضاحي بالانترنيت يبررها الشيخ الثائر بحجة أنها كانت تحت ضغط نفسي، بل إن مفجر الربيع العربي أجاز للزرقاوي ذبح رهائنه وفسر عملية الذبح بأنها تستند إلى السنة النبوية في ذبح كفار قريش في معركة بدر، برغم أن التسامح بقبول الفدية في بدر كان هو الأغلب عند المسلمين، بل إن الشيخ ذهب إلى أكثر من ذلك حين أخذته حمية الجهاد القاعدي فحكم بالردة على العلمانيين لأنهم حسب قوله يفتحون باب الفتنة، ولم تكن القاعدة التي تذبح الناس على الهوية ولا الأنظمة القمعية العربية التي كان الشيخ يعيش معها شهور عسل متواصلة، انما المرتدون هم "مجموعة من الشيوعيين والعلمانيين الذين يغررون بالبسطاء"، هكذا إذن يفتي فقيه الامة وزعيمها بقتل الناس لأنهم علمانيون، قاصدا إيهام البسطاء والسذج من أن العلمانية تعني الكفر. ودعني اسأل السيد حسن العلوي عن أي عمامة يتحدث؟، وعن أي رموز دينية تلك التي ظلت تخوض عبر الفضائيات والفتوى معارك بن لادن والظواهري؟.. وأيّ امة هذه التي يقودها شيخ ظل يشتم الأمريكان والغرب عبر الفضائيات، فيما يعيش أبناؤه وأحفاده بجوازات سفر غربية.
العمود الثامن:رسالة إلى حسن العلوي
نشر في: 29 يوليو, 2012: 09:56 م