عامر القيسي بغض النظر عن تفاصيل الأزمة الحالية بين أربيل وبغداد إلا أن المطلوب الآن من الطرفين أن يتحليا بروح المسؤولية الوطنية الكافية والشجاعة لوقف تداعيات هذه الأزمة والعمل على فكفكتها ولملمة ذيولها فلا مصلحة لأي وطني مهما كان لونه واتجاهاته في تصعيد الأزمة إلى حدود الصدام التي لن ينتفع منها أحد على الإطلاق ولو بحدود ضيقة.
هم الذين ساهموا في خلق أزمة جديدة من الشوفينيين والمعادين للتآلف العربي الكردي بل المعادين للعملية السياسية برمتها وهذه الشريحة الطفيلية موجودة في كل التشكيلات السياسية في البلاد سواء في بغداد أو أربيل وهي شريحة تتستر بالشعارات الوطنية والحرص على المصالح القومية، لكن سلوكها، الذي يمكن قراءته من خلال إثارة الأزمات، يسير في الاتجاه المعاكس تماما. وللأسف الشديد إن شخصيات وقوى تندفع وراء مثل هذا التيار وتتبنى في الكثير من الأحيان طروحاته المدمرة.ليس البارزاني والمالكي وحدهما المسؤولين عن حل الأزمة الحالية بين بغداد وأربيل لأنها نتاج وذيول المشاكل العقدية الحقيقية في مجمل العملية السياسية الجارية في البلاد،وبالتالي فإن القوى السياسية المنخرطة في العملية السياسية تتحمل مسؤولية كاملة في المساهمة في تبريد الأزمة الجديدة الحالية ونزع فتيلها والانطلاق الحقيقي نحو حل جوهر العقد التي عاقت حتى الآن التقدم خطوة إلى الأمام.على صوت الحكمة أن يعلو اليوم فوق كل الأصوات لأنه الصوت القادر على تجنب الجميع الخوض في متاهات لا يستطيع أي طرف أن يتجنب شراراتها وأن ينجو بجلدها منه، وهو الصوت الذي ينبغي أن يكون سلاح الجميع في طريق حل الأزمة، وهو الصوت الذي ينبغي أن يتصدى لكل أصوات التطرف وصب الزيت على النار من قوى أكثرها معروف وبعضها متستر خلف شعارات زائفة تحاول تجييش الشارع في اتجاهاته المختلفة ونقل مفردات الأزمة لتكون أزمة الناس وليس السياسيين فقط.على صوت الحكمة أن يكون حاسما وواضحا وشجاعا وقادرا على أن يجنب البلاد والعباد الخوض في أنفاق مظلمة بدروبها الملتبسة وغير واضحة المعالم، والحس الوطني في الشارع العراقي مهيأ تماما لسماع هذا الصوت والتعامل معه بإيجابية عالية بل ومساعدة السياسيين على حل الأزمة، ولا ينبغي أبدا الاستهانة بهذا المفصل الذي أكد في أكثر من موقعة قدرته وحيويته ليس على مساعدة الأصوات المخلصة والوطنية على تجاوز الأزمات وإنما على إجبارها على اتخاذ المواقف الصالحة والصحيحة والأمثلة كثيرة ولا تحتاج إلى البحث عنها في أكوام القش.أصحاب القرار عند الطرفين يدركون جيدا مدى خطورة تصعيد الأزمة الحالية والنتائج الوخيمة المترتبة على تصعيدها ونعتقد جازمين أنهم سيكونون عند مستوى المسؤولية الوطنية التي حمّلناهم إياها، فالأزمة الحالية ليس اختلافا في وجهات النظر في قضية تحتمل تشكيل اللجان والطاولات التي تستهلك الزمن وتعقد الأزمة، المطلوب الآن وليس غدا اتخاذ قرارات جريئة وعودة الأوضاع إلى ما قبل هذه الأزمة والشروع الجدي في حل مشاكل البلاد.
كتابة على الحيطان:صوت الحكمة..
نشر في: 30 يوليو, 2012: 07:39 م