معتز رشديتُرى كيف يقضي ساستنا أوقات فراغهم؟ متى يأكلون، ويشربون؟ متى ينامون؟ ثمة، في داخلي، صوت مرح، مقهقه، يقول: متى استيقظوا؟ متى كفوا أيديهم، غير الكريمة، عن دسم الولائم؟ ومتى اغتسلوا من دماء أبناء هذا الشعب المنكوب، بهم وبأمثالهم من (شفاطة) النفط؟
شفطهم النفط، وهو طركاعة مقالنا، اليوم، لا مثيل له في غنى اشكاله، وخطورة تحولاته؛ إذ لم ينج منه حتى مرضانا المحتضرون في المستشفيات؛ وآية ذلك ما قرأته، ليلة أمس، عن حريق شب في مستشفى الزعفرانية العام ، وهو الثاني من نوعه ، فقد سبقه حريق آخر، أكبر منه، وأخطر، في مرآب مجمع مدينة الطب ، وسط بغداد ، دون معرفة أسبابه ، إلى يوم الناس هذا، وحين سئل بعض المطلعين على خفايا الأمور ، عن أسباب اندلاع الحريق ، كانت إجاباتهم متشابهة: الفساد. وهو فساد لا يكلف صاحبه شيئاً؛ مبتدأه ومنتهاه محاولة بعض الشياطين خلط أوراق المؤسسات التي يعملون بها ، لئلا تنكشف لمنافسيهم ، أو لبعض المتربصين بهم ، من أشباههم ، تفاصيل سرقاتهم المالية . ما أكثر الحرائق ، في عراق ما بعد 2003 ؟إلهي .. إلى أين نرسل مرضانا؟ هل يُعقل أن يُحمل جرحى المفخخات إلى مستشفيات ينتظرهم في ردهاتها مشعلو حرائق المال العام؟ تحدثنا ، أعلاه ، عن حرائق الحرامية، الصغار من رتبة زوج ابنة البرلماني الفلاني، أو ( صكاك ) الناطق باسم الكتلة العلانية. أما حرائق الشياطين الكبار ، فقد تركت من مياسمها على جلودنا أثاراً لا تمحى ، وفي تقاويم أيامنا فراغات سوداً، لا سبيل إلى تبييضها إلا بكشف كل ما اقترفته أيديهم الأثيمة من موبقات بحق أبناء هذا الشعب ، وبحق أيامه التي تشابهت في أربعاءاته وسبوتاته وخميساته ، وبقية مسميات أيامه، في متوالية شيطانية، ممسوخة، للرعب ، ولسفك الدماء ، على نحو لا مثيل له في تاريخ شعب آخر . المشين في (طراكيع) الحرائق ؛ أنه كلما ارتفع دخان واحدة منها ، فاعلم ؛ أنها مجرد ستارة جحيمية من دخان ، غليظ أنزلها المجرمون ، بأيديهم الخفيفة المدربة ، على جريمة نكراء ، من عيار شنيع ، يراد لها أن تظل بعيدة عن الأنظار . واعلم ؛ أنهم قد هيأوا ، في برلمانهم الجميل ، حشواً استنكارياً ، رثاً لمناقشة آثار الجريمة – العابرة والمنسية كسابقاتها طبعاً – في سير العملية السياسية المتمرغة ، كفيل حزين ، في أوحال مربعها الأول المرتبط بأجندات الدول العدوة والشقيقة والقريبة والبعيدة والحاسدة العاذلة الحقودة!فهل من سبيل إلى إطفاء حرائق هذا البلد المنكوب ؟ وهل من سبيل إلى إعادة تلك الشياطين إلى قماقمها التي جاء بها الاحتلال ، ومخططاته (البريمرية) القاتلة؟
طراكيع دنيا
نشر في: 30 يوليو, 2012: 08:39 م