TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: لا ضحية دون جلاد

أحاديث شفوية: لا ضحية دون جلاد

نشر في: 30 يوليو, 2012: 09:40 م

 احمد المهناتشوب "العملية السياسية" ازدواجية بالجملة والمفرد. أما من حيث الجملة فهي تعتبر الأكثر تمثيلا للشعب في تاريخ العراق والأكثر انفصالا عنه في آن واحد معا. وأما من حيث المفرد فان كل سياسي فرد موجود في هذه العملية "نظريا"بوصفه ممثلا لشريحة واسعة من الشعب ولكنه "عمليا" ناطق حصري باسم كتلته عموما أو زعيمه خصوصا.
من حيث الحرب والسلام، تكونت "العملية السياسية" وشقت طريقها بسلام نسبي نحو عامين، ثم انعطفت بعدها الى نوع من حرب أهلية نحو عامين آخرين، عادت منهما الى التعايش مجددا بسلام نسبي وغياب ثقة مطلق بين أطرافها. وفي حالات الحرب، كما في حالات انعدام الثقة، يكون الشعب عادة هو الضحية، هو من يدفع ثمن الحرب في الأرواح والممتلكات، وهو من يدفع ثمن انعدام الثقة غيابا للإستقرار والإعمار.والضحية توجد لأن هناك من يقوم معها بدور الجلاد. وانك لن تجد من الساسة من لا يقول لك بأن الشعب مسكين، وخطية، وضحية. جميعهم "يقر ويعترف" بذلك. ولكنك في الوقت نفسه لن تجد من الساسة من يقول لك بأنه الجلاد، وانما الكل يرمي الكرة، أو السوط، على غيره، حتى يضيع الحساب، أو تنزاح مسؤولية دور الجلاد، من ساسة الأرض الى شرطة القدر أو جند السماء.ان الشعب العراقي يُجلد بعدم الاستقرار، بالأزمة السياسية الخانقة، العنف الأعمى، التعذيب المبصر، الظلم، النقص الفادح في الخدمات، الفقر، البطالة، الفساد المعمم. ان خلاصة العمل السياسي كله هي الفشل في صناعة الأمل والنجاح في صناعة اليأس. فهل هناك جلاد أكبر من هذا العمل؟ وهل الجلاد هو أحد غير هذه "العملية السياسية"؟رغم ذلك كله فخلف هذا الفصل وصل بين الجلاد والضحية، بين العملية السياسية وبين الشعب. ذلك ان حكم هذه العملية يتصف بنوع من الشرعية، كونه جاء نتيجة انتخابات، وأيضا لكون أطرافها يتمتعون، لأسباب جيدة أو رديئة، بأنواع من الجماهيرية. سمها جماهيرية طائفية أو أصولية أو عشائرية أو إثنية أو وطنية، فإنها تظل جماهيرية على أي حال. ان هذا هو القدر الذي استطعنا انتاجه من السياسة في هذه المرحلة من تاريخنا.هل تتغير هذه العملية السياسية أو تنصلح بصمود الشعب على طريقة صبر أيوب على الإله اليهودي أم بعوامل من داخلها أم على طريقة "الربيع العربي"؟الله أعلم.ولقد استغرقنا الحديث عن الجملة وكدنا أن ننسى الحديث عن المفرق. أي السياسي الفرد. والوصل والفصل متوفر على المستوى الشخصي وفرته على المستوى العام. والوصل له تمثيلاته على مستويات انتخاب السياسي الفرد او جماهيريته وسط عشيرته او طائفته او اثنيته. أي شأن قوى"العملية السياسية" نفسها. أما الفصل فإن تمثيلاته كثيرة في سلوك الساسة الذي يسف احيانا الى درجة تزوير الشهادة. ولكن دعونا نختزل هذه التمثيلات بواحدة هي أحاديثهم وتصريحاتهم: هل يبدون فيها سياسيين أحرارا أم أشباه رجال ميليشيا؟ النموذج الأول هو الذي يُشعرك كمواطن أنه يتحدث اليك، ويصدق معك، ويحترمك. الثاني يشعرك بأنه يتكلم لينكل بك، ويجلدك، ويكسب تقدير زعيم قائمته الذي هو أقرب الى نمط زعيم الميليشيا. النموذج الأول يمثله السياسي العتيد محمود عثمان أفضل تمثيل. والنموذج الثاني ..واو..خير من الله!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram