ترجمة: عباس المفرجيتبدأ الرواية مع لا واقعية حادّة لحلم. في عام 1953 يؤخذ فتى عمره 11 عاما الى سفينة كبيرة ستنقله من بلده سيلان إلى انكلترا، في رحلة تستغرق 21 يوما. على الباخرة اورينت لاين، يصادق اثنان من عمره : الصبي المراوغ الداهية كاسيوس، والصبي اللطيف، الأخرق قليلا، رمادهين.
حولهم، بيت عائم يسكنه أشخاص غامضون : مليونير ذاهب إلى انكلترا للعلاج الطبي بعد تعرضه لعضة كلب مسعور، وامرأة تسير في نومها، تشرب شاي البارود وتحمل في جيوبها حمائم، ورجل لديه حديقة سرية في العنبر (نبتة معرّشة مدغشقرية، يقطين أسود، وليمون حامض اندونيسي). تبدو رواية مايكل اونداتجي الجديدة لأول وهلة شبيهة بمغامرة ديكنزية، ولو أنها متبّلة بذكريات الصبي وهو يتناول بيض الحشرة النطاطة في الفجر قرب منزله في بوراليسغاموا.مع ذلك، فالصبي مايكل، الذي يقاسم اسمه مع مؤلفه، وتفاصيل حياته، قريب من حياة حقيقية يتم تذكّرها كحكاية خرافية. حين تتقدم الشخصيات في العمر، تتوسع العدسة لتضم المستقبل الذي ينتظر مايكل وأصدقاءه في انكلترا والإدراك الأعمق بكل ما تركوه وراءهم. حياة على بحر تمسي ميراثا مستمرا مدى الحياة.كشاعر حائز على جوائز وكذلك مؤلف روايات رائدة مثل "المريض الانكليزي" و"ديفيساديرو"، لا يمكن لاونداتجي أن يكتب جملة مبتذلة، ولو حاول ذلك. كل شخصية هنا لها غنى كرنفالي، سواء كانت المرأة التي لها ((ضحكة لمّحت بها، دوّرتها هنا وهناك مرة أو مرتين في الوحل))، أو المضارب المخادع المعروف بالبارون، الذي يدفع مايكل إلى مساعدته بسرقة سكين من كابينة أخرى قبل أن يروغ من السفينة في بورسعيد. نثر اونداتجي الرقيق الوزن والساكن كنور شمعة يتحوّل مشهدا بعد مشهد إلى نثر لا يُمحى – عن الفتيان وهم يقيدون أكمام قمصانهم بسطح السفينة أثناء عاصفة شديدة، عن البنت الصمّاء التي لا تحسّ بالأمان إلا بعد أن تنضم إلى سيرك جوّال في سيلان الريفية. (عشاق أعمال اونداتجي الأولى سيتعرفون على الكثير من زوّادة الروائي المميزة: حديث عن المادونات الايطاليات، إشارات إلى كبلنغ، نساء يغتسلن في العراء، غشاشون في لعب لورق، لبن مكثف).كما دأبه دائما، يتشبث اونداتجي بالقارئ، بتجميعه معا، وعلى نحو بارع وبالتدريج، أسرار شخصياته التي تحاول أن تكتمها، لكن في هذا الحالة، أكثر من أي وقت آخر، يشعر الغامضون أنهم قريبون بشكل خاص إلى أوطانهم: ينظر مايكل الصغير إلى نفسه في المرآة فيرى فتى برياً لا ينتمي إلى أي مكان. عنوان طاولة القط (المكان – البعيد عن طاولة الكابتن – حيث الفتيان والأشخاص الآخرون غير المتكيفين مع الجميع يجلسون معا ليأكلوا كل ليلة) هو نموذج موجز للجماعة المفضلة عند اونداتجي، من المجانين، المهجنين وغير ’’المميزين‘‘. على السطح، قد تكون "طاولة القط " تنقيحا واقعيا على نحو سحري لطاولة مغامرات كلاسيكية للفتى. في العمق، تنضح بالمرارة التي تثيرها محصلة حياة.عن مجلة التايم
الحميمية الملازمة لرواية مايكل اونداتجي الجديدة
نشر في: 31 يوليو, 2012: 06:28 م