ماجد موجدتفتقر ثقافتنا العراقية إلى مشروع نقدي واضح الملامح يوازي ويتساوق مع ما ينتج من شعر وسرد، هذه الكلمات تشكل لافتة عريضة في أغلب الكتابات التي ترصد مشهدنا الثقافي ويرددها الكثيرون ممن يعملون في المشغل الأدبي، مثل هذه المقولة (العبارة) افرزها واقع الحال، كلما تحين مناسبة يمكن أن يتطرق فيها إلى مهمة النقد ودوره، حقاً لا يوجد لدينا مشروع نقدي، وببساطة يمكن فهم ذلك حينما نسأل إن كان هناك نتاج أدبي ما، أنبرى نقاد متحمسون إلى لفت الأنظار إليه بقوة والاهتمام بشأنه بجهد رصين إن كان مهماً؟ أو أسهموا في إماطة اللثام عن أولئك الذين يجرحون قلبا لإبداع بتكوينات لغوية لا تفضي إلى شيء؟
غياب مرصد النقد أعطى فرصة لضياع المعايير الأساس في حقول التعبير الابداعي لاسيما منها تلك التي تعتمد على اللغة، يتضح ذلك في النصوص التي تنتقيها الصحف الثقافية لتملأ فيها أوراقها ويتضح ذلك في المهرجانات والندوات عندما ترش الدعوات رشاً دونما الاعتماد على آلية تمايز بين من يستحقها عن سواه، فيظل غياب مشروع نقدي جاد، يجعلك واقع الحال تبهت وأنت ترى أسماء يتم تداولها كثيراً دون أن تقدم شيئاً ذا قيمة إبداعية، لو أردنا قياس الأمر على أساس ابسط المعايير، لكن شيوع تلك الأسماء يحدث على حساب تغييب أسماء تصنع الإبداع الحق لكنها لم تجد مجالاً فيظل فوضى وزحام شديدين يصنعه غاوون بضجيج عبارات دوغمائية مقيتة وساذجة في أحايين كثيرة.منذ أكثر من عقدين من الزمن ونحن نفتقر إلى مشروع نقدي يصحح ويقيم المنجز الأدبي في ذات المدة الزمنية. نحن أولاد العقد التسعيني ممن أصابتنا لوثة القهر الشعري وعلى الرغم من حياتنا العشوائية تحت واقع غامض ومدلهم آنذاك، سعدنا بمقالات تتابع ما كنا نكتب بل ما من شيء كتب إلا وكان له رصد حتى من أقراننا، كان ذلك الرصد يلاحقنا بإحساس انه ثمة من يعيب علينا أن لم تكن الكتابة تحمل ملمحا إبداعية وحينها كان الأمل أن المستقبل سوف يفرز قيمة أي كتابة إبداعية وان النقاد المتخصصين لن يتركوا منجزا إبداعياً كتب في تلك الظروف إلا أن يتم فحصه وفرزه بحياد ومنهج صحيح، لكن ذلك لم يحصل، لدينا فقط نقاد يكتبون بالمزاج وحسب الغاية وهي بكل الأحوال ليست غاية إظهار أدب مهما والتشكيك ورفض كتابة لا تنتمي للإبداع بشيء، لدينا نقاد من مثل أولئك الذين لا يتابعون ويقرأون كلما ينتج في مراحل ومضامين هو اجتراحات هل ينتهوا إلى خلاصات تقيم بوضوح مواطن الجهد الإبداعي الخلاق عن سواه. لدينا نقاد ممن ظلوا يتطاولون هنا وهناك ولا يفقهون من النقد إلا عبارات رنانة تصلح لكل كتابة، تكاد وأنت تقرأ نقودهم لا تميز إن كانت كتابتهم تنطبق على شاعر سبعيني أم ثمانيني أم ممن لحق هذين الجيلين، تقرأ بين سطورهم كلاماً قابلا لأن ترصف فيه أية عبارات شعرية ولأي شاعر، أقول قولي هذا وأنا لست واثقا من هذا الحكم الذي يقال عادة، أن النقاد أدباء فاشلون، ذلك أن أدباء مهمين كتبوا نقداً مهما عن تجارب أقرانهم وان لم يتسلموا بطاقة الانتماء الى الحاضن النقدي، اقول حاضنا والكثيرون يعرفون انه لا حاضن ولا مشروع نقديا في العراق بل أفراد يسطعون هنا وهناك ثم ينطفئون.سأكرر ما قيل كثيراً ولم يحفل به أحد، أننا بحاجة ماسة إلى مشروع نقدي يتمثل بمؤسسات أو مدونات أو مؤتمرات نقدية متخصصة تأخذ على عاتقها مهمة فحص وفرز النتاج الأدبي العراقي خلال العقود الثلاثة الماضية وهي مهمة لا تحتمل التأجيل لأهمية تلك الفترة الزمنية على جميع الصعد سياسيا وثقافيا واجتماعياً ولأن المنجز الأدبي العراقي هو نبع حقيقي للمنجز الأدبي العربي وهو مرتبط بالكثير من القضايا ولاسيما منها الريادة الشعرية العربية منذ نشأتها وهذا اعتراف ظاهر وواضح ومعروف ومتابع في الحاضن الثقافي العربي فهل من الممكن أن تهمل هذه المهمة الثقافية المرتبطة بالريادة لواحد من أهم الأجناس الأدبية والجمالية وهو الشعر؟
إن كــان لـــدينا نــقاد
نشر في: 31 يوليو, 2012: 06:29 م