اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > رئيس غير سياسي.. كيف؟!

رئيس غير سياسي.. كيف؟!

نشر في: 31 يوليو, 2012: 06:35 م

حسين عبد الرازقلم يشغلني كثيرا ما نشر عن انتماء هشام قنديل رئيس مجلس الوزراء الجديد لجماعة الإخوان المسلمين وعضويته في لجنة السياسات بالحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) رغم أهمية هذا الانتماء وهذه العضوية، ولكني توقفت طويلا أمام تصريح له قال فيه بحسم «لم أنتم طوال حياتي لأي حزب سياسي»
 وأكد أن الوزراء في حكومته سيكونون من «التكنوقراط».وقضية الشخصيات العامة المستقلة غير المنتمية رغم انشغالها بالشأن العام تنمية مصرية خالصة، وظاهرة سلبية أضرت بالحياة السياسية المصرية وبالديمقراطية.فالمشتغلون بالشأن العام في العالم الديمقراطي هم أعضاء وكوادر وقيادات في أحزاب سياسية. فالأحزاب هي الوعاء المنظم للعمل السياسي. ولم تكتشف البشرية بعد شكلا آخر من أشكال العمل السياسي غير «الحزبي». فالفرد مهما كان تأثيره ونفوذه وشعبيته لا يستطيع تطبيق سياسة معينة أو برنامج أو تحقيق تغيير ما لم يكن مستندا إلى حزب سياسي. ورؤساء الدول ورؤساء الحكومات والوزراء والمحافظون في البلاد الديمقراطية يصلون إلى مواقعهم من خلال أحزابهم التي تخوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمحلية بمرشحين من أعضائها وقادتها . ولا يمكن تصور شخص لم ينتم طوال حياته لحزب سياسي- كما يقول- يتولى منصب رئيس مجلس الوزراء- وهو منصب سياسي بامتياز- ويدير شؤون البلاد والعباد. فالطبيعي أن رئيس مجلس الوزراء والوزراء سينفذون برنامجا سياسيا اقتصاديا اجتماعيا، هو برنامج الحزب الفائز في الانتخابات العامة، وليس برنامجا شخصيا بعينه لا يعرفه الناخبون بفرض وجود مثل هذا البرنامج الشخصي.وقد عانت مصر منذ حل الأحزاب في يناير 1953 من الحكومات (رئيسا ووزراء) عبر السياسية أو التكنوقراطية. ففي ظل نظام الحزب (أو التنظيم) السياسي الواحد، تحول رئيس الجمهورية إلى صاحب القرار السياسي الوحيد، وأصبح رئيس مجلس الوزراء والوزراء مجرد مديري مكتب أو سكرتارية لرئيس الجمهورية ينفذون السياسة التي يقررها. وأصبح اختيار الوزراء يتم على أساس المهنة والخبرة والكفاءة العلمية في تخصص معين. فوزير الداخلية لواء شرطة ( من مباحث أمن الدولة في الغالب) ووزير الخارجية من السلك الدبلوماسي، ووزير الصحة طبيب، ووزير الري مهندس ري أو أستاذ جامعي من كلية الهندسة متخصصا في المياه والري.. وهكذا. باختصار تحددت مهمة الوزير بحيث يكون أقرب إلى «وكيل أول الوزارة» لا علاقة له برسم السياسة العامة في وزارته وإنما تنفيذ السياسة المقررة في رئاسة الجمهورية، وأصبحت الحكومات المختلفة تتكون من تكنوقراط أغلبهم أساتذة جامعات لم يمارسوا العمل السياسي المنظم طوال حياتهم، وأقرب ما يكونون لـ «موظفين كبار».وإذا كان ذلك مقبولا تجاوزا في ظل نظام الحزب الواحد والرئيس «الزعيم والقائد» فيستحيل قبول هذا الأمر في ظل التعددية الحزبية - حتى ولو كانت مقيدة- والتي بدأت عام 1976، أي منذ 36 عاما، ويوجد حاليا في مصر أكثر من 60 حزبا منها 25 حزبا كان لهم أعضاء في السلطة التشريعية سواء في الشعب أو الشورى (قبل حل مجلس الشعب بحكم قضائي).ومن غير المنطقي أو المقبول أن يكلف رئيس الجمهورية (رئيس حزب الحرية والعدالة ونائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين) أن يكلف شخصا يزعم بأنه لم ينتم إلى أي حزب سياسي طوال حياته بتشكيل الحكومة، ثم يعلن أنه سيعتمد على التكنوقراط في تشكيل مجلس وزارته. ويزيد الأمر صعوبة إعلان رئيس الوزراء أن حكومته ستكون ائتلافية ومن ألوان الطيف السياسي، ويجري الحديث عن توزيع الحقائب الوزارية بنسب على الأحزاب والتيارات السياسية، دون أي تطرق لبرنامج الحكومة وهو أساس أي ائتلاف. فإما أن الحكومة ستنفذ برنامج حزب الحرية والعدالة الانتخابي وبرنامج رئيس الجمهورية المستخرج منه، وهو الأقرب إلى المنطق، وفي هذه الحالة يستحيل الحديث عن حكومة تضم كل ألوان الطيف السياسي، وإنما يقتصر الأمر على حكومة من حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان المسلمين ، أو منهم ومن حلفائهم من أحزاب تيارالإسلام السياسي كالنور والفضيلة والأصالة، وبعض المستوزرين المستعدين لتنفيذ برنامج الإسلام السياسي أيا كان انتماؤهم الأصلي.وإما أن الحديث عن حكومة ائتلافية حديث جدي وليس مجرد مناورة سياسية، وفي هذه الحالة لابد من دعوة الأحزاب المطلوب مشاركتها في الحكومة إلى التفاوض حول برنامج الحكومة والذي سيختلف جزئيا عن برنامج الحرية والعدالة بما يعكس المشترك الذي يمكن التوصل إليه بين هذه الأحزاب التي ستأتلف في الحكومة، ويقتصر الاشتراك في الحكومة على الأحزاب التي تقبل بهذا البرنامج. وهو ما لم يتم، بل وأكد رئيس مجلس الوزراء أن مهمة الحكومة هي تنفيذ برنامج الرئيس.باختصار أننا أمام حكومة تمثل سياسة جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram