احمد المهنا "القانون" أحد مقومات نجاح أي عمل. كل أعمال الإنسان باطلة اذا لم تكن خاضعة لقانون. وقد خلُصت خبرة البشر الى أن حكم القانون هو معيار نجاح البلدان. وبالعكس فإن ضعف سلطة القانون هو الصانع الأقوى للدول الفاشلة.
لكل عمل عُدَّة، أدوات، ومقومات نجاح. والقانون أهم مقومات هذه العدة. يشمل ذلك حتى الموهبة في الأدب والفن. فهذه الهبة السماوية لا تقوم لها قائمة من دون عدة أرضية تشكل متطلبات العمل الأدبي أو الفني. فالشاعر بحاجة الى خبرة ومعرفة في اللغة والوزن. هذا هو القانون. ودونه لن تنمو موهبته وتظهر وترتفع. فالموهبة مشروطة بالمعرفة، وإن تكن المعرفة ليست صانعة للموهبة. المعرفة بالنسبة الى الموهبة هي في مقام التربية بالنسبة الى الانسان. والانسان لا يُخلق من التربية ولكنه لا يكون انسانا من دونها.والكد والجهد أحد مقومات النجاح. من دون مشقة لن تجد في حديقتك سوى الأعشاب الضارة. ولكن من دون معرفة أولية على الأقل بالنباتات لن تصنع حديقة منظمة. الكد لا يكفي. كان صدام حسين يعمل ليل نهار. ولكنه أزاح القانون عن طريقه جاعلا شخصه هو القانون. وهذه سيرة لم تنته ولن تنتهي الا اذا أصبح القانون فوق السياسة.ان النجاح يرتبط بالصراع مع قانون. لم يصنع المتنبي نحوا جديدا ولا ابتكر وزنا مختلفا، ولكنه أدار الصراع بين موهبته وبين قواعد النحو وأوزان الشعر بعبقرية جعلت منه سيد العربية. وقد صار سيد العربية من خلال الاحتفاء بالقواعد أو القوانين، والامتلاء بهما، وليس بضربها أو هدمها. ان ترقية العمل بالقانون هي الإبداع. وليس هناك غير الجنايات والجرائم وراء تجاوز القانون.القانون يرفع قيمة العمل. والقانون يجعل الرقابة أهم أعمال البرلمان. ولكن اذا كانت هذه الوظيفة غائبة فما قيمة برلماننا؟ عمَّ يقبض النواب اذا كانت وظيفتهم معطلة؟ وكيف تكون للعمل قيمة في بلادنا اذا كانت أرفع مؤسساته عاطلة عن العمل في شطرها الرقابي؟عندما أعطت الحكومة عطلة يوم الخميس الماضي بسبب ارتفاع درجات الحرارة، سألت احدى الفضائيات موظفةً عن رأيها في ذلك. ومن كل عقلها ردت الموظفة: شنو الفائدة قابل هو رمضان يوم واحد، ليش مينطونا الشهر كله عطلة؟حقها. فهي موظفة في العراق. حيث الثروة تأتي من السرقة. ومن دعوات الوالدين تأتي السلطة. وحيث وظيفة الادارة هي تقديم المذلة وليس الخدمة. فهل بقي للعمل معنى؟ ان قيمة العمل مقرونة بالقانون. ترتفع قيمة العمل بارتفاع القانون وتنخفض بانخفاضه. فلن يقتل الانسان نفسه على لاشيء.كان مايكل انجلو يقول أن الناس لو عرفت المشقة التي أبذلها في أعمالي لتوقفوا عن الاعجاب بها. فالمشقة هي سبب العجب. وكان بيكاسو كادودا أيضا. ولكنه لا يرد عبقريته الى المشقة. وقد روي عنه:"امي قالت لي أنك اذا عينوك جنديا فستصبح جنرالا، واذا كنت متعبدا فستصبح البابا، وقد اشتغلتُ رساما فأصبحت بيكاسو"!ومثلهما عمل جواد سليم بمشقة. ولكن شبح تدخل السلطة في عمله الأخير، نصب الحرية، طارده الى مشغله في روما فأوصله الى حافة الجنون. وكانت هذه نتيجة من نتائج الخروج العراقي الأول على القانون. ولتجنب مثل هذا المصير خرجت حكمة القائل: أنا أحب العمل بحيث يمكنني التفرج عليه لساعات!
أحاديث شفوية: شيء عن القانون
نشر في: 31 يوليو, 2012: 09:41 م