سلام خياطكلما تسنّت لي فرصة الصراخ في البرية،-أو الهمس في نشرة إخبارية أو محفل ثقافي، لبلورة موقف واضح ينتشل الإنسان العراقي من وهدة الدرك الأسفل-- صرخة التياع أم توشك أن تفقد وحيدها: النجدة، فالسيل جارف والغرق وشيك.. يرتد إليّ الصوت خائبا، يلحقه الصدى خافتاً، يعقبه الصمت العقيم، والصمت حين يستوجب الكلام – لو تدرون-، سهم مسموم قاتل.
لو كنت أملك منبرا لرأي مسموع –أكرر مسموع– لناديت بأعلى صوت ودعوت بأعلى نبرة: أن لا خلاص لنا من السقوط في الهاوية، إلا بوجود النخبة في أعالي قمة المسؤولية. لذا، فالبحث عمن يحرز صوت الله في قلبه وضميره، الراعف بالانتماء للوطن وسكانه، منزها عن شبهة المغانم المتاحة، والتكسب الملغوم بالشبهات، مهمة مقدسة ترقى لمرتبة العبادات. نبحث عمن يتجرأ – سواء من رجالات السلطة او المؤسسات المدنية -- ويدعو لتشكيل مجلس للنخبة، تدعى للانتظام في سلكه خيرة الخبرات والكفاءات العراقية __ والعربية إن اقتضى الأمر __ تلك الخبرات والكفاءات العراقية خصوصا، الموزعة على أقطار الأرض، أساتذة ومفكرين، علماء ونابغين، عقول جهابذة في حقول التربية والتنمية، البيئية والاقتصادية والاجتماعية ومراتع التقنيات الحديثة، خبرة شيوخ، وفورات شباب، وأحلام يافعين، و..و..مجلس للنخبة. ليس رديفا للمعارضة ولا هو بديلا عنها. ليس من شرط تعجيزي للقبول في سلك التشريف بالمهمة الجليلة، إلا شرط الكفاءة العالية والانتماء للوطن والتفاني في إعلاء شأنه وخدمة ساكنيه.. ما هم إن كانوا مسلمين أو نصارى أو صابئة أو غيرهم من ألوان الطيف، ما هم إن كانوا سنة أو شيعة، ارثذوكس أم بروتستانت، عربا أم أكرادا أم تركمانا، ما داموا يدينون بحب الوطن ويتسابقون لنجدته.لا.. ليس مجلس النخبة حزبا، وحاشاه أن يكون.الحزب قد يظاهر حزبا آخر، أو يعارض أجندته، او يسعى لتهميشه، لكن مجلس النخبة صمام أمان لجميع الأحزاب. الحزب ينفي سواه، والنخبة تلهم سواها.الحزب يسعى لاعتلاء سدة الحكم – بشتى الطرق: بالقوة حينا، بالحيل الديمقراطية حينا، بالتواطؤ حينا، والنخبة زاهدة بالكرسي، نافرة من بهرج وزيف السلطة، تنتقي مواقفها بصبر وروية وبعد نظر، وتصدر قراراتها بنزاهة وتمام وعي، وبإرادة غير مجروحة بشبهة.إذن.. هي دعوة جادة لإحياء او خلق مجلس للنخبة، وإلا فالويل لحكم ينفر من وجود كيان وصوت مسموع للنخبة.. والويل وسواد النهار و الليل لوطن تخشى نخبته.
السطور الأخيرة: لا عزاء بموت النخبة
نشر في: 1 أغسطس, 2012: 10:57 م