سرمد الطائيخبران شغلاني صباحا، واحد عن ديوان الرقابة المالية التي مازلت اصر على وصفها بأنها "احسن صحفي بالعراق" والثاني عن التحاق عملاق النفط الفرنسي توتال بعملاقين آخرين للاستثمار في حقول كردستان.
وليست لدي اي شهية للحديث عن اقتحام واحد من اخطر مؤسسات الامن في ساحة الاندلس، حيث تخزن الوثائق الحساسة المتضمنة وثائق 9 اعوام من "الحرب على الارهاب"، ويعتقل اخطر 100 متهم في البلاد حسب وصف ضباط تحدثنا اليهم. فللحكومة الحق في ادارة اجهزة الامن كما تشاء طالما ان البرلمان "نائم" ولم يستجوب اي مسؤول امني منذ سنوات رغم "فضائح" تنتهي بثمن كبير هو دماء الابطال من منتسبي الجيش والشرطة، والابرياء من ابناء جلدتنا.. واثناء عودتنا الى المنزل ليل الثلاثاء كانت "العملية" قد انتهت كما يبدو، وغادر احد المسؤولين بسيارته المظللة السوداء قاطعا شارع النضال نحو المنطقة الخضراء، فيما كان حمايته يطلقون النار في الهواء بتواصل احتفالا، او ربما لترويعنا نحن المارة كي نبقى بعيدين عن سيارة السيد المسؤول جليل القدر وسيئ الحظ والبخت.لكنني اقرأ الان بيانا لوزارة المالية يقول ان ديوان الرقابة المالية تسلم الحساب الختامي لسنة 2011، وهذا يعني اننا ايضا ننتظر التقرير السنوي للديوان. وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي كنت مع الزملاء في غرفة الاخبار نمضي اوقاتا سعيدة جدا لان بين ايدينا تقرير 2010 الذي نشرناه على حلقات تحت عنوان "قصة الدولة العراقية" وقد استطاع فريق عبد الباسط تركي الوصول الى كل الدوائر وتسجيل سيرتها خلال سنة، مع ملاحظات دقيقة بشأن كل شيء، انتهت بمعلومات من قبيل: مكتب القائد العام يتعامل نقدا، والرقابة منعت من دخول منزل مستشار الامن. 367 موظفا في مكتب رئيس الوزراء تسلموا رواتب قبل صدور اوامر تعيينهم، ومئات اخرون في اماكن لا تناسب مؤهلهم. البرلمان والحكومة ينفقان المنافع خلاف القانون، واشخاص تلقوا معونات مكررة مرة بوصفهم شهداء ومرة بوصفهم متعففين. الدفاع تشتري اسلحة روسية لتتحول "بقدرة قادر" الى صينية. دوائر تتقاعس عن الجرد السنوي لكنها تحتفظ بأطنان الخردة ولا تحفل بسياراتها المسروقة ولا تسجل املاكها في العقاري. دوائر تجهل انتساب موظفيها والآلاف يتقاضون راتبين ولجنة الـ140 حررت 57 صكا لشخص واحد. اغلب الوزارات لا تتحقق من «سمعة» الشركات ولا تعد دراسة جدوى والعقود بلا شرط جزائي. الكهرباء تخسر ملايين الدولارات بسبب التساهل في العقود وتشتري الكابلات بأضعاف سعر لندن، وتنفق 17 مليارا على شراء سيارات الاسعاف والاطفاء. التخطيط لا تعاين 80% من مشاريع الوزارات وتجهل مواقع مشاريع الكهرباء والنفط، والمحافظات عجزت عن انفاق 2.5 تريليون من اموالها.. الى غير ذلك من المعلومات المهمة حول كل مؤسسات الدولة.ديوان الرقابة انتظر تقريركم الجديد عن 2011 بشغف ونتمنى على مجلس النواب ان ينشر نسخة منه على الموقع الالكتروني الرسمي كي يتسنى لنا ان نقارن بين العام الماضي والذي سبقه، وإلا فإن التقرير سيبقى طي الكتمان "حفاظا على سمعة الحزب والصولة".وأخير فإن شركة توتال ورغم كل تحذيرات حكومتنا في بغداد، قررت ان تلتحق بعملاقين آخرين للنفط في كردستان. والحدث معناه ان سوق النفط ليس في وسعه انتظار بغداد واربيل كي تحسما خلافاتهما، كما ان بغداد ليست سلطانا اقوى من عمالقة البترول الذي يمثلون الدول الكبرى دائمة العضوية في مجلس الامن.ويوجد امام السيد نوري المالكي خياران. الاول ان يطرد كل "العمالقة" من العراق ليجدوا لهم ملاذا في كردستان ونقعد نحن بانتاج بترول واطئ ونودع احلام زيادة الانتاج واحلام الحصول على التقنيات الحديثة في الاستخراج. او ان يفتح سلطاننا حوارا صحيحا لا مع الكرد فقط بل مع كل الشركاء، حول قانون النفط والغاز ويتخلى عن حلم ان يصبح كرئيس حكومة، صاحب الكلمة الوحيدة والفريدة في ملف الطاقة المكلل بالفشل عبر اعوام طويلة. فأهل البصرة يريدون شراكة في قرارات مصيرية حول نفط مناطقهم، واهل الانبار كذلك، ومعهم الكرد..الخ. والعثور على صيغة صحيحة امر ممكن استنادا الى تجارب دولية مهمة حصلت في مناطق انتاج النفط حول العالم، وهو طريق مختصر للوصول الى تنمية صناعية، بدل المهاترات وتحريك الجيوش والتهديد بفتح ملفات لا يفتحها احد.. او التهديد بطرد عمالقة النفط من حقول البصرة.اتركوا لغة التهديد حين تتحدثون مع الدول الكبرى، فلم يبق من أعمارنا ما يتسع لحرب اخرى، ولا تطلقوا الرصاص حين تمرون بشارع النضال ثانية!
عالم آخر: شيء عن عمالقة النفط وفضائح الحكومة
نشر في: 1 أغسطس, 2012: 11:15 م