TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > اقتصاديات: البورصة والإطار الحكومي

اقتصاديات: البورصة والإطار الحكومي

نشر في: 4 أغسطس, 2012: 07:17 م

 عباس الغالبي لعل من الركائز الأساسية لأسواق المال في العالم أنها تعمل خارج أسوار التدخل الحكومي وعلى وفق منظور القطاع الخاص بعيداً عن هيمنة القطاع الحكومي ، وهي بمثابة زخم كبير للبورصة تعطي حرية في التعامل بدون قيود أو شروط أو إجراءات مكبلة .
ولكن ما يجري في العراق أن سوق الأوراق المالية يعمل تحت هيمنة هيئة الأوراق المالية التي أصبح لامبرر لوجودها ، حيث أن البلدان المتطورة والمتطلعة لاقتصاديات السوق تعد فيها البورصات هيئات مستقلة لاتخضع للإطار الحكومي ، ولكن في بلد مثل العراق كانت الضرورة تقتضي عند عودة سوق العراق للأوراق المالية للعمل بعد عام 2003 بعد توقف قسري بسبب الظروف السياسية العاصفة التي حدثت في العراق ، والتي تطلبت وجود هيئة حكومية مشرفة على عمل السوق وان كانت مخالفة لآليات السوق  ، لكن أن تستمر هذه الهيئة ، فهذا غير مبرر ولايعطي مؤشرات حقيقية للاقتصاد العراقي على الرغم من أن أسواق المال تعطي مؤشرات للاقتصاد ، إلا أن دور هيئة الأوراق المالية الحالي مجرد إصدار تقارير دورية لحركة السوق ، حيث بإمكان السوق نفسه أن يضطلع بهذه المهمة .وهذا الأمر يندرج في إطار النزعة الحكومية الجديدة للسيطرة على الهيئات المستقلة ولاسيما الاقتصادية منها ، مع الإشارة إلى أن جميع أسواق المال في العالم تعمل بشكل مستقل عن التوجهات الحكومية من دون إطار تنظيمي يربطها بالحكومات ولكن يجري التنسيق بشكل مستمر بحسب مايقره القانون ، وماتقتضيه مصلحة الاقتصاد ، حيث أن وجود الهيئة الحالي يجعل السوق جهة حكومية لاتتحرك بفضاءات السوق ولاتنسجم مع آلياته ولايمكن بالنتيجة أن تعطي مؤشرات حقيقية للاقتصاد العراقي الذي يفترض أن يعمل على وفق آليات السوق ولكن هذا الأمر مدعاة للاقتصاد المركزي الذي يؤكد هيمنة مطلقة للقطاع العام .ومايمكن أن يكون البديل في هذا الاتجاه أن يصار إلى إلغاء هيئة الأوراق المالية وتشريع قانون جديد لأسواق المال ينظم عمل البورصة الرئيسية في بغداد ويحدد ركائز تأسيس أسواق جديدة في الأقاليم والمحافظات تعمل كوحدة اقتصادية منسجمة يعطيها القانون الجديد فسحة من العمل المحرك للاستثمار وللقطاعات الانتاجية ويعمل مستقبلاً على الربط مع أسواق المال في دول العالم الأخرى سعياً للاندماج مع اقتصاديات العالم الأخرى ، وهذا مايعطي زخماً ودفقاً في آن واحد للاقتصاد العراقي الذي مازال ضعيفاً في بنيته ،  كما انه يوضح مؤشرات هذا الاقتصاد المتنامي ، ويضع أمام اصحاب القرار والمخططين ملامح الإصلاحات المفترضة .ولكن أن يبقى الوضع على هذا الحال فهو تكريس لهيمنة الحكومة على الهيئات المستقلة ولايصب في مصلحة الاقتصاد الوطني وينذر برؤى لاتنسجم وآفاق التطور في هذا الاقتصاد مع الإشارة إلى الإمكانات الكبيرة التي يمتلكها والتي يفترض أن توظف في صالحه ، ولذا فان وجود هيئة الأوراق المالية حالياً غير ضروري .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram