TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث: الأردن.. موقف جديد إزاء سوريا

في الحدث: الأردن.. موقف جديد إزاء سوريا

نشر في: 4 أغسطس, 2012: 08:53 م

 حازم مبيضينتتزايد المؤشرات على أن الأردن يخطو بتسارع إلى المستنقع السوري، فالتعزيزات العسكرية تتوجه إلى المناطق الحدودية الشمالية، ومن بينها أرتال دبابات، وأصوات إطلاق النيران تسمع بوضوح عند الحد الفاصل بين البلدين كلما جن الظلام، والقوات المسلحة الأردنية المرابطة على الحدود، تلقت أوامر واضحةً جداً بالرد الحازم الفوري،
على أي طلقة من الأراضي السورية، والعاهل الأردني يتفقد قوات حرس الحدود عند الحدود الشمالية للبلاد، قبل أن يستقبل وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا، لبحث مآلات الأزمة السورية، واتخاذ الإجراء اللازم لمرحلة ما بعد الأسد، ووزير خارجيته يؤكد وقوع اشتباكات مع السوريين، دون أن يعلن عنها، واللاجئون السوريون يتدفقون بالمئات يومياً، ليستقبلهم مخيم خاص أقيم بمعونة دولية.الأهم هو زيارة الوزير الأميركي، التي قال الناطق باسم البنتاغون، إنها خصصت لمناقشة أبعاد العملية الانتقالية السياسية في سوريا ما بعد الأسد، مضيفاً أن الجانبين اتفقا على الحاجة لضغوط دولية قوية من أجل رحيله، وكان بانيتا قال وهو في طريقه إلى العاصمة الأردنية، إن عمان وواشنطن قلقتان مما يجري في سوريا، ومن الانعكاسات التي قد تترتب نتيجة لذلك على الاستقرار في المنطقة، وأشار إلى أن بلاده تعمل بشكل وثيق جداً مع الأردنيين، واصفاً التعاون العسكري بين البلدين، بأنه وصل الى مستوى غير مسبوق، أما الجانب الأردني، فقد أعلن أن المباحثات تركزت حول البحث في السيناريوهات المحتملة في ضوء التطورات الحاصلة ميدانياً في سوريا، وأن الجانبين بحثا سبل الحفاظ على سوريا، وإنهاء معاناة شعبها، إضافة إلى المرحلة الانتقالية السياسية للسلطة، وفق الإجماع العربي والدولي، بحيث لا تصل الأمور إلى حرب أهلية.يعني ذلك عند أي مراقب، أن الأردن انخرط فعلياً في التحرك العربي الدولي لإطاحة الأسد، وهو لم يعد  معنياً بالتستر على ذلك، كما فعل إبان الحرب الأميركية على العراق، وموقفه هذا على ما فيه من مخاطر، يحظى بالرضا والقبول عند الكثير من الأردنيين، خصوصاً تنظيم الإخوان المسلمين، الذي يدعم إخوان سوريا، وقد يتنازل مقابل الموقف الجديد إزاء النظام السوري، عن بعض مطالبه الإصلاحية، المتعلقة بتعديل الدستور وسحب بعض صلاحيات الملك، إضافة للمشاركة في الانتخابات النيابية، رغم عدم رضاه عن القانون الذي ستجري بموجبه قبل نهاية هذا العام، ولعل صانع القرار الأردني، أراد الهروب إلى الأمام، مبتعداً عن أزمته المالية الطاحنة، وعن حراك شارعه، الذي سيخلد إلى الهدوء فيما لو اشتعلت جبهته الشمالية، والمؤكد أن صاحب القرار يدرك حجم معارضي تدخله في الأزمة السورية، ويعرف أن لا فعل لهم على الأرض، رغم ارتفاع أصواتهم، وعلو هتافاتهم، التي لا تلقى أذناً صاغية في الشارع.   يتحدث البعض عن نتائج كارثيةً ستصيب الأردن حال تدخله، وفي حالتي انتصار النظام أو إطاحة الأسد، فيما يرى البعض أن الفرصة باتت مواتيةً لاستعادة حلم الهاشميين بحكم سوريا، صحيح أن الملك عبد الله رفع شعار الاردن أولاً، لكن الذاكرة تقودنا إلى الفترة التي أعقبت سقوط نظام صدام، حين أعلن عدد من أبناء عمومته أحقيتهم في حكم العراق، باعتبار أنهم آخر من تبقى من فرع العائلة، التي حكمت هناك بعد الحرب العالمية الأولى، وجدير بالتذكر أن فيصل الأول كان ملكاً على سوريا، قبل أن تنقله بريطانيا إلى بغداد  ليتوج فيها، وأن عبد الله الأول مؤسس المملكة الأردنية، كان في طريقه إلى دمشق لتحريرها من الفرنسيين، قبل أن يستوقفه البريطانيون في عمان، ويؤسسوا له إمارة فيها تحولت لاحقا إلى مملكة، ظل قادتها يحملون حلم الملك المؤسس.أدركت القيادة الأردنية متأخرةً، وجوب انخراطها في عملية التغيير الجارية منذ أكثر من عام ونصف في سوريا، بعد أن تيقنت أن الوقوف على الحياد سيكلفها غالياً، بقي الأسد حاكماً أو أطيح، وأدركت أن عليها دوراً تلعبه في مرحلة ما بعد الأسد، لجهة الحفاظ على وحدة تراب وشعب وسوريا، وهي بذلك لا تخرج عن سياق سياسات الدولة الأردنية منذ التأسيس، وهي تتلخص بالاعتماد على حليف غربي قوي، يتمثل اليوم بالولايات المتحدة، وعلى دعم عربي يتمثل اليوم في منظومة الدول الخليجية، وصحيح ما يقوله كثيرون " لو كان الملك حسين حياً لكان الجيش الأردني يقاتل في سهول حوران ".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram