TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > السياســة المائيــة للحكومــة العراقية

السياســة المائيــة للحكومــة العراقية

نشر في: 5 أغسطس, 2012: 06:25 م

علي عبيديُقال أن العراق هو البلد الوحيد في العالم، الذي يحتوي في أراضيه على نهرين عملاقين، دجلة والفرات، واستنادا إلى ذلك سمّيَ بأرض الرافدين، بل أُطلِقَ على حضارته الإنسانية المشهودة، تسمية (حضارة وادي الرافدين)، وعُرف هذا البلد أيضا بـ (أرض السود) لكثرة البساتين والنخيل واخضرار الأشجار في أراضيه المترامية الأطراف.
وقد اشتهر العراق بالزراعة، لاسيما النخيل، إذ يتصدر جميع بلدان العالم في إنتاج التمور، ناهيك عن المحاصيل والثمار الأخرى، حدث هذا بسبب وفرة المياه من جهة، وبسبب التعامل الصحيح والناجح مع الموارد المائية المتاحة، حتى أننا نتذكر جيدا الفيضان الذي اكتسح بغداد وبعقوبة وغيرهما في خمسينات القرن الماضي، الأمر الذي يدل على وفرة مياه كبيرة جدا، وسياسة مائية سليمة ومتوازنة مع الدول المجاورة التي ينبع منها الرافدان أو سواهما.ولكن تُظهر الدول المجاورة لاسيما تركيا، نوعا من الاستحواذ الواضح على الثروة المائية، وتمارس نوعا من الابتزاز السياسي والاقتصادي مع العراق، يقابل ذلك ضعف كبير من لدن الحكومة العراقية في التعامل بخبرة ودراية وحزم، لاسيما أن تركيا لها علاقات تجارية بلغت مليارات الدولارات، ومع ذلك تستخف بالعراق وتستحوذ على المياه وتبني السدود، وتتخذ خطوات عدائية واضحة، تتغاضى عنها الحكومة العراقية، أو تتعامل معها بضعف بيّن.لذلك تشير الوقائع إلى فشل ذريع في السياسة المائية للحكومة العراقية، والأسباب بالغة الوضوح للجميع، يقول د. ثائر محمود رشيد في مقال له نشرته جريدة المدى عن سياسة تركيا بشأن نهري دجلة والفرات: (يكمن جوهر الخلاف بين تركيا ودولتي الجوار العربي -العراق وسوريا- في تناقض الرؤية لكلا الجانبين ،فتركيا لا تعترف بدولية النهرين -دجلة والفرات- وتعتبرهما حوضا واحدا ،وترى في دجلة والفرات أنهما نهران تركيان ، وتطلق عليهما تسمية -مياه ماوراء الحدود-، فضلا عن رفض تركيا الدخول في اتفاق رسمي بشأن تقسيم مياه الفرات بينها وبين العراق وسوريا. وما انفكت تركيا تصرح أن نهري دجلة والفرات تركيان وأن لها حق السيادة على مواردها المائية وحتى النقطة التي يغادران فيها الإقليم التركي ،وأن السدود التي تقيمها لا تسبب أي مشكلة دولية، وذلك ما يتنافى بالطبع مع اتفاقية أو مبادئ هلسنكي لعام 1966 التي تنظم قواعد استغلال مياه الأنهار الدولية لغير الأغراض الملاحية وتقرير عام 1988 للجنة القانون الدولي التي أسستها الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بالاستخدام الملاحي لمجاري المياه).أما إيران فقد اتخذت بعض الإجراءات التي تضر بالموارد المائية العراقية كما يقول الكاتب نفسه في بحثه المنشور بالمدى: (إن الإجراءات التي قامت بها إيران تجاه المياه المشتركة بينها وبين العراق أدت إلى تعرض هور الحويزة إلى الجفاف، وإن مشكلة الملوحة في مياه الفرات هي من المشاكل التي يجب التوقف عندها ،إذ تبلغ نسبة الملوحة الآن 2,5 في الألف وهي نسبة ليست قليلة وتحتاج إلى إجراءات عاجلة  جدا، وتشير تقارير لكلية الزراعة في البصرة إلى أن السمك النهري بدا ينحسر في البصرة نتيجة تزايد ملوحة المياه في المسطحات المائية).مقابل هذه الإجراءات التي تقدم عليها دول الجوار، هناك صمت حكومي، ولا مبالاة في التعامل  مع هذه القضية الحيوية، بحجة الظروف التي يمر بها العراق حاليا، بيد أن الأمر ينم عن خلل كبير في التعامل الحكومي بمسؤولية إزاء هذه القضية التي تمس حاضر ومستقبل الشعب العراقي . تقول سميرة علي في تقرير لها نشر في إحدى الوكالات: (بينما يعاني سكان مناطق متفرقة من العراق من شح المياه، ما أثر بشكل كبير على حياتهم اليومية والزراعة التي تعرضت للجفاف، أعلنت الحكومة العراقية مصادقتها على مشروع قانون المجلس الوطني للمياه، ضمن سعيها الحفاظ على بيئة العراق المائية، ووضع سياسة مائية ذات خطط بعيدة المدى، وأبعاد إستراتيجية تؤمن حصص العراق من المياه الدولي). وتضيف سميرة في تقريرها: (تسعى الحكومة العراقية إلى أن تنجح من خلال تشكيل المجلس الوطني للمياه في الضغط على إيران لوقف تسرب النفايات إلى الأنهر العراقية، وتفعيل عمل المجلس الأعلى للتعاون الاستراتيجي بين العراق وتركيا، بهدف إلزام تركيا بإطلاق الحصص المائية التي يستحقها العراق. وكشفت تقارير أعدتها منظمات دولية متخصصة أن العراق سيخسر واردات نهري دجلة والفرات بالكامل بحلول عام 2040. وكان باحثون وخبراء  قد حذروا خلال مؤتمرات وندوات عديدة أقيمت داخل العراق وخارجه، حذروا من تفاقم أزمة المياه وخطورة إنشاء تركيا للسدود وخاصة سد –أليسو- على نهر دجلة، لأنها ستؤثر سلبا على كمية المياه الواصلة إلى العراق    ).وهكذا يتضح لنا خلل وضعف الإجراءات التي تتخذها الحكومة العراقية بهذا الصدد، تاركة الخيار الاقتصادي جانبا، معولة على الجانب الدبلوماسي الضعيف أصلا، لأن معالجة هذه القضية الحيوية تحتاج إلى تخطيط وتنفيذ وحزم أكبر بكثير مما تقوم به الحكومة الآن.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram