علي حسين أين ذهبت الحرب بين قبيلة رئيس الوزراء، وقبيلة نائبه صالح المطلك؟ فبعد أن كانت معاركهم حديث الصباح والمساء، وبعد أن حققت خطبهم ومناظراتهم التلفزيونية نسبة مشاهدة غير مسبوقة في شهرها الأول، فجأة وبلا مقدمات أعلن عن توقف عرض المسرحية، ولم تعد الناس تنام وتصحو على بيانات جنرالات الحرب من القبيلتين التي كانت تفوح منها رائحة القنابل، ولم نعد ننتظر خطب التهديد والوعيد من الطرفين والتي كانت تنذر بحرب ضروس حتى آخر جندي دفاعا عن مصالح القبيلة ومنافعها وامتيازاتها ومناصبها.
لم يقل لنا أحد لماذا اشتعلت هذه الحرب قبل أشهر على ذلك النحو المروّع؟ وماذا جرى فيها؟ ولماذا سكتت المدافع فجأة، ومتى سنفيق على جولة جديدة من الصراع؟ هل سنكتشف ولو متأخرا إن ما جرى هو طبخات للاستخدام وملء فراغ أدمغة الناس الحائرة؟ هل نصدق أن جلسة مجلس الوزراء القادمة والتي بشرنا المطلك انه سيحضرها، وان صورة بالالوان سوف تجمعه بالمالكي ستزيل آثار الحريق، وستعيد البسمة إلى وجوههم المتشنجة، وهم يعلنون برنامج الاحتفال بالمصالحة التاريخية؟، وما هي الصورة الجديدة التي ستوزع فيها الابتسامات، وما هو المخطط الجديد الذي سيخرج من أروقة الساسة، والذي يضعنا في أتون أزمة جديدة؟ متى سيكون الحريق القادم؟ ومن هو المرشح ليكون خصما في منازلة "أم المهازل"؟ما جرى بين المالكي والمطلك من سيناريو كوميدي لمؤلف من الدرجة العاشرة، يثبت بالدليل القاطع أننا نعيش أزهى عصور البؤس، وهو يؤكد على أكثر من عنوان دال ودقيق لحالة البؤس العام التي يرفل بها سياسيونا الأكارم، في مقابل إسدال الستار على فصول مسرحية المطلك، صعدت إلى السطح قضايا أريد لها أن تستحوذ على نسب مشاهدة هائلة، ولا يزال النفخ فيها مستمرا، منها مثلا الخوف من غياب بشار الأسد، ورغم أن الرجل متلذذ بقتل شعبه، إلا أن ثمة إلحاحا غريبا على إيهام الناس بان الأسد حريص على دماء العراقيين وان غيابه سيخلق فوضى أمنية تجتاح البلاد. المالكي توعد العراقيين عشرات المرات بسيناريوهات مخيفة، وباضطرابات وفوضى لو أن المطلك جلس تحت قبة مجلس الوزراء، فيما الأخير اعتبر أن رئيس الوزراء يعمل على عدم الاستقرار وغير ذلك كثير، إلى أن صحونا اليوم لنجد أن أقصى أمنيات المقربين من المالكي هي أن يساهم السيد المطلك في التعجيل والتبكير لحضور جلسات مجلس الوزراء فيما المطلك اعتبر عودته ستحقق التنمية والأمن والرفاهية والعدل، فيما البلاد لا تزال تدافع، باستماتة عن موقعها في جدول البؤس العالمي، فقبل اشهر معدودات جاء العراق ضمن أكثر عشر دول بؤسا في العالم، وهذه المكانة العالمية "المرموقة" وصلنا اليها نتيجة حاصل جمع المطلك بالمالكي، وقسمة الجعفري على علاوي، وطرح الهاشمي من جدول الضرب، وكما نعرف جميعا فإن وراء هذا الانجاز العالمي الكبير منظومة متكاملة من سياسيي الصدفة حاربت في صمت على أكثر من جبهة لكي تضع البلاد في قاع سلة بؤساء العالم، منظومة عملت واجتهدت في تناغم بديع بدءا من رئيس الوزراء وانتهاء بمدير بلدية في الفاو.. فالجميع يمارسون هواية السباحة في بحر الفساد والطائفية.وإذا كان من السهولة معرفة من يقف وراء إشعال المعارك بين قبائل الساسة وفي توقيتات معينة ومدروسة، فإن البرلمان بكتله السياسية غائب عن كل ما يجري في البلاد، أو بالأحرى قرر أن يكتفي بدور المتفرج، فيما بعض نوابه يمارسون ادوار مشعلي الحرائق، بحيث بدا أن هناك نوعا من الاستهانة بإرادة الناس، والاستهتار بالدستور، واعتماد سياسة ممارسة الضرب بكل الاتجاهات من اجل بلوغ الهدف، وهذا طبيعي للغاية طالما أن القانون لا يطبق على السادة السياسيين، وطالما يسود أسلوب المساومات والصفقات الخفية.و لأن البؤس لا يتجزأ، فقد عجزت دولة مفترض أنها غنية عن معالجة مشكلة هشاشة الأمن، وهي الدولة ذاتها التي شاركت في أكبر عملية نصب على المواطن من خلال فيلم الكهرباء الهابط الذي كلف إنتاجه حتى هذه اللحظة 37 مليار دولار فقط لا غير. باختصار شديد نحن جديرون بموقعنا البارز في جدول البؤس العالمي، وما جرى في معركة المطلك وحروب الشهرستاني الكونية.. وغيرها، مجرد عينة من حروب مقدسة يخوضها السيد المالكي، من اجل الاحتفاظ بكرسي رئاسة الوزراء، ومن اجل أن نحتفظ كبلد بمكانتنا في سلم البؤس والفساد والأمية والفقر العالمي.
العمود الثامن:المطلك "عاد" الهاشمي "طار"
نشر في: 5 أغسطس, 2012: 10:36 م