معتز رشدي 1 سرق الساسة الأضواء من كل شيء ؛ حتى من مصابيح الشوارع ، وخلاخيل راقصات الليل ! إذ باتت الأحاديث بين فناني العراق ، ومفكريه مستهجنة إلى أبعد حد ممكن ، فبدلاً من السؤال المحوري : ماذا قرأت ، أو شاهدت ، مؤخراً ؟ بتنا لا نسمع سوى سؤال واحد أوحد كريه وممجوج : ما رأيك بتصريح فلان أو علان من ساستنا الأشاوس ؟
أسئلة تُطرح وسط عواصف حمراء رملية ، قرب مفخخة أو جثة مغدورة ، وتحت سماءأصمها عويل مولدات مستوردة ، وسنظل نستوردها إلى أن يرث الله الأرض .2عرفنا من ماركيز ، أن رائحة مياه المجاري الثقيلة حين تخالط هواء بلد - ما ، فمعنى ذلكأن فساد نخبته السياسية قد أطبق ، كغطاء قبر فولاذي، على حاضره. ملاحظة ماركيزية لاذعة ، لا سبيل إلى دحضها ؛ فلئن كنا قادرين على إخفاء جثة قتيلتحت سجادة للصلاة، وعلى زرع عبوة تحت لحية مباركة كثة ملطخة بالحناء، فأننا أعجزمن أن نطوق رائحة – ما ؟ ما عاد يهمني في شيء مسار العملية السياسية العراقية - بأجنداتها الشهيرة، ومربعها الأول - من عهد عاد وثمود - ، وصخورها السيزيفية المتدحرجة من جبال جهنم – بقدرما تهمني كيفية التخلص من رائحة الفضلات البشرية ، المقيئة ، والمهينة لكرامتي ككائنآدمي . خلصونا من عصارات أمعائنا يا صناع معجزتنا الديمقراطية !3أتنفس هواء الله في شمال العراق . أحس بآدميتي . التفت إلى بغداد فلا أشعر إلا بالمهانة .وأعلم ؛ أني في شمال (الوطن!) مواطن من الدرجة الثانية! ولكن، متى كنت مواطنامن الدرجة الأولى؟ إنهم، أقله، في الشمال، لا يفكرون بقتلي. شكراً لهم.4ضفاف دجلة تقترب من بعضها بعضاً، حتى لتكاد تلتصق. عما قريب ستصبح دجلة – والفراتكذلك – مجرد ( بواري ) معدنية بين ضفاف ترابية هائلة ، وباعثة على البكاء .5أبي يا أبي : بع سيارتك القديمة المتهالكة (أتراها من صنع آدم؟) ، واشتر لنا بعيراً يعيننا على تيهنا القادم في صحراء مترامية الأطراف ، كان اسمها ذات يوم بعيد: بلاد الرافدينبيد أن السؤال الذي يطرح ، مقهقهاً ، نفسه، هو : والإدلاء! من يضمن لك نزاهة الإدلاء؟
نص .. ثقافة وسياسة
نشر في: 6 أغسطس, 2012: 05:44 م