حسين رشيد قبل أيام كنت أستمع إلى إحدى الإذاعات العراقية، عن طريق الصدفة ومن خلال جهاز الموبايل وذلك لانقطاع الكهرباء "الوطنية"، وانطفاء الكهرباء "الرجعية" الممثلة بالمولدة الأهلية، وعطل أصاب المولدة الشخصية بسبب سوء نوعية البنزين المحلي والمستورد! لينتهي الحال الى ما عليه. بالطبع كان برنامج مسابقات وسؤال مطروح للإجابة وللفائز
كارت شحن موبايل. وبعد بعض الحوارات التافهة إلى حد اللعنة بين المقدم والمتصلين، تم استقبال اتصال من احد المستمعين، يستعلم به عن الجائزة التي فاز بها قبل أيام ولم تصلها إلى حد لحظة الاتصال، وهي عبارة عن كارت شحن فئة (5000) الألف دينار. تصورا جائزة مقدارها 5000 الألف دينار ولم تصل إلى الفائز بها!! ترى كيف لو كانت 5000 الآلف دولار، وهي قيمة بعض الجوائز لمثل هكذا برامج تبث من إذاعات عربية وعالمية.وفق هذا يتلقى المواطن العراقي يوميا عدة رسائل من قبل شركات الهاتف النقال، تحفزه للمشاركة في مسابقاتها المتعددة. حيث تقدم الكثير من الجوائز المغرية التي تصل قيمة البعض منها إلى ملايين الدنانير، آلاف الدولارات. من جهة المواطن الأمر ليس سوى وسيلة لسرقة الرصيد، أما من جهة شركات الاتصال فهي وسيلة للربح والفوز. تنشط مثل هكذا حالة في الغالب في شهر رمضان، وكأن الشهر وجد للقمار والتسلية واللهو. ولم تكتف هذه الشركات بهذا بل راحت تدعم وترعى الكثير من برامج المسابقات الرمضانية في اغلب الفضائيات والإذاعات العراقية. التي تصر على إعلان تلك الجوائز المغرية في فواصل إعلانية مملة جدا. وفي ذات الوقت انتهجت هذه الفضائيات سياسة الإغراء بإعلانها عن جوائز كبيرة في بعض برامجها الخاصة بالمسابقات.لكن الغريب بالموضوع، أو بالأحرى لاتوجد غرابة، مع كل هذا الكم والعدد الكبير من البرامج وجوائزها المغرية لم نسمع أو نشاهد مواطنا عراقيا حالفه الحظ وفاز بواحدة من تلك الجوائز. واستطاع من خلالها أن يغير وضعه المعيشي إلى الأفضل والأحسن.تتنوع هذه الجوائز بين المال والذهب، وسيارات فارهة أو غرف نوم فاخرة الخ من جوائز وهديا مغرية، يسيل لها لعاب أي مواطن. خاصة ونحن نعيش أزمة متعددة الجوانب والأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، لذا تجد هذه الجوائز باتت حلما للكثير من أفراد الشعب.ولو أجريت معادلة بسيطة عن هذه الجوائز اليومية والأسبوعية والشهرية، ومثلما معلن ولنفترض أن قيمة ما يوزع يوميا من خلال الإذاعات والفضائيات بحدود المليون دينار، وأن قيمة السيارة الأسبوعية يقارب الخمسة عشر مليون دينار عراقي، والجائزة الكبرى سيارة فارهة لاتقل قيمتها عن خمسين مليون دينار عراقي. بالنتيجة سيكون الناتج 160 مليون دينار عراقي جوائز فقرة واحدة أو مسابقة واحدة. وهو رقم عادي جدا بالنسبة إلى قيمة ما يحصل من واردات الاتصالات تقسم بين الفضائية وشركة الاتصال.ولو افترضنا مرة أخرى أن كل شركة ترعى وتدعم عشرة برامج فضائية وإذاعية بمعدل 100 مليون دينار لكل برنامج سيكون الحاصل مليار دينار عراقي تقدم وتعلن كجوائز، بالمقابل هناك مليارات أخرى ستجنى أو تسرق من خلال هذا المعيار الاغرائي. من غير رعاية ودعم العديد من المسلسلات التي تبث عبر الفضائيات العراقية في شهر رمضان.ربما يقول قائل إن الأرقام مبالغ فيها، وهذا من حقه. لكن إذا عدنا إلى عدد المشتركين في كل شركة اتصال، الذي وصل إلى 15 مليون مشترك في كل شركة، مثلما تعلن تلك الشركات، ولو افترضنا أن كل مشترك يصرف يوميا دولارا، يعني في اليوم الواحد يدخل 15 مليون دولار إلى رصيد تلك الشركات ،وهذا اقل تقدير. لو كانت هذه الشركات حريصة فعلا على مساعدة المواطن العراقي المحتاج، لعملت على توزيع هذه المبالغ أو حتى نصفها على اقل تقدير، بين مستحقيها الحقيقيين من خلال العديد من وسائل التكافل الاجتماعي. كذلك الحال بالنسبة للفضائيات العراقية التي باتت ترصد الملايين والمليارات لبرامج خاصة بشهر رمضان اقل ما يمكن القول عنها إنها مملة ومقرفة. رغم ان البعض من هذه القنوات يبث برامج تعنى بمساعدة الناس، لكنها للأسف الشديد تدخل في خانة التهريج والتطبيل والتشهير فاسم الشخص الذي تسلم المعونة أو المساعدة يبقى يدور ساعات وساعات على سبتايتل تلك القناة.
جوائز وهدايا رمضان
نشر في: 6 أغسطس, 2012: 05:59 م