TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > من داخل العراق: أحــــــلام!

من داخل العراق: أحــــــلام!

نشر في: 6 أغسطس, 2012: 09:28 م

 وائل نعمةتتراجع معدلات القراءة في العراق خاصة بين الشباب. النساء الأقل اهتماما بالكتاب حسب استطلاعات رأي وإحصائيات شبه رسمية، وفي أفضل الأحوال يستمتع البعض منهن بالاطلاع على مجلات فنية أو كتب الطبخ والأبراج والاهم كتب تفسير الأحلام.
الحلم مازال مثار جدل واختلاف بين عدة نظريات تفسر هذه الظاهرة البشرية الغريبة. إلا أن نوع الأحلام يختلف من شخص إلى آخر، طبقا لعمله وهمومه. قال لي مرة احد الدفانة في مقبرة وادي السلام في النجف "كنت أخشى في صغري من القبور وأحلامي مرعبة"، وبعد سنوات من العمل في هذه المهنة التي لا يرغب الكثير في الاقتراب منها أصبح صديقي الدفان يستمتع بمنامه بأحلام اعتيادية ربما تأخذه بعيدا عن المقابر ويحلم بزراعة ورود أو السباحة في بحيرة الحبانية، من دون أن يغرق طبعاً!العاملون في تصليح السيارات يحلمون مثلا بأنهم استطاعوا "تجفيت" سيارة عن طريق الليزر بدل اتساخ ملابسهم في الشارع المليء بالحفر وشحم المركبات. أو يستيقظ صاحب المولدة مفزوعا من حلم رأى فيه ان مشروع "خصصة" الكهرباء نجح وتحولت المولدات إلى الصحراء لاستغلالها في سقي أراض جرداء في تجربة زراعية فريدة من نوعها في العراق. المشتغلون في الصحافة والإعلام لهم أحلامهم الخاصة أيضاً، يذكر مراسل المدى في البرلمان انه يحلم باستمرار بالنواب وبكشف حقائق ما يجري وراء الصفقات وتأجيل مشاريع القوانين، ويقول مرة  بان "رئيس البرلمان أسامة النجيفي جاءه في المنام وأودعه سرا سياسيا خطيرا لا يعرفه احد، وطلب منه عدم البوح به لأي سبب كان". الطبخات السياسية كما يحب أن يسميها بعض المحللين السياسيين وصعوبة الحصول على المعلومة وضبابية العملية السياسية في العراق أصبحت عوامل مساعدة لتزويد عقل الصحفي بمادة "حلمية" بدلا من "صحفية" تفسر له ما يعجز تحليله في الواقع و من بيانات المسؤولين وخصوماتهم. فبعد مرور البلاد بأزمات وتقلبات عجيبة في الآراء والمواقف منذ عام 2003 وحتى اليوم لا يمكن للعقل البشري ان يجد لها مبررا، ولن يبقى امام الصحفي سوى الأحلام عسى ان يأتي نائب او مسؤول ليكشف لنا حقيقة الأمور وان نكتب بعدها تقريرا "حلمياً".الأحلام تتنوع في العراق بين النوم واليقظة، لكن أصعبها أن تحلم وان تسير في شوارع العاصمة بألاّ تلاقي سيطرة أثناء عودتك من العمل عناصرها يتفرجون على المارين ويسألونك "منين جاي...وين رايح"، ولا تشاهد أطفالاً يمسحون زجاج السيارات، ونساء يزحفن على الأرض ويدفعن بعربات المعوقين، وتختفي المساحات "الصفراء" المغبرة وتتحول الى حدائق ومنتزهات وتتلاشى اصوات الانفجارات وأخبار القتل وهروب السجناء...  إنها أحلام وربما ستبقى كذلك! 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram