عباس الغالبيتعد وزارة التجارة من أهم الوزارات ذات الطبيعة الاقتصادية الخالصة ، ويطلق عليها وزارة الاقتصاد في كثير من دول العالم، حيث تضطلع بمهمات لا تتعلق برسم السياسة التجارية الداخلية والخارجية فحسب ، بل في رسم وتنفيذ عدد من السياسات الاقتصادية العامة .
وإزاء هذه المهمات أين وزارة التجارة العراقية من ذلك، وما الاستراتجيات التي عملت على إعدادها وتنفيذها بالشكل الذي ينعكس ايجابياً على الاقتصاد الوطني ، وبغض النظر عن الأسماء التي توالت على قيادة تلك الوزارة والعمل ضمن مفاصلها العليا والدنيا على حد سواء ، فإنها فشلت فشلاً كبيراً في ملف البطاقة التموينية الذي يعد الإستراتيجية والمهمة الأكبر لها ، ولم يعد خافياً على السلطات التنفيذية والتشريعية فضلاً عن المستهلكين من السواد الأعظم أن البطاقة التموينية أصبحت مجرد مستمسكاً يقدم لدوائر الدولة في الخطابات والمتعاملات الإدارية ، ولم يعد المواطن يتعامل مع روح البطاقة التموينية وما يتعلق بمفرداتها وعملية تحسينها وإيصالها الى المستهلك في الوقت المقرر ، ناهيك عن حالات الفساد المالي والإداري التي ضربت أطنابها والتي عصفت بوزراء ومسؤولين في وزارة التجارة وما زال البعض منهم ينتظر قولة القضاء بهم.ولا يمكن أن نحصر وزارة التجارة بحكم واجباتها المحددة لها بموجب قانونها النافذ الحالي بالبطاقة التموينية، وإن كانت هي الأهم ، لكن المهمات الأخرى وان كانت ذات أهمية كبيرة لاسيما ما يتعلق بالتجارة الخارجية وعملية التبادل التجاري بين العراق وبلدان العالم ، وما يتصل بذلك من قوانين قديمة وأخرى حديثة شرعها مجلس النواب في دورته السابقة والتي تتعلق بتنظيم عملية التبادل التجاري ومكافحة الإغراق السلعي وحماية المستهلك والمنتج المحلي والتعرفة الكمركية ، وجلها قوانين ذات أهمية قصوى ومتعددة الفوائد لكنها مازالت معطلة وغير مفعلة وبعضها مؤجل بقرار حكومي .وإذا أردنا أن نتحدث عن المحاور الأخرى ، لا يمكن أن نتغاضى عن مشهد الشركات وعملية تسجيلها والطريقة القديمة العقيمة وعدم قدرة الوزارة على الإتيان بمسودة قانون للشركات يأخذ بنظر الاعتبار التطور الحاصل في أنظمة وإدارة الشركات وعلاقتها بالقطاعات الاقتصادية الأخرى ، كما أن الوزارة لم تعمل على تطوير القطاع الخاص وتفعيل دوره خاصة إذا ما تحدثنا عن آليات اقتصاد السوق ، كما أن المعارض التجارية لم تعمل هي الأخرى على دفع عجلة الاستثمار التي ما زالت أسيرة التداعيات السياسية والأمنية.وقد يكون حديثنا في هذا المقال عمومياً لم يدخل لب التفاصيل والتي سنضطر للحديث عنها برؤيا متجردة بعيد عن الاستهداف بقدر ما نتحدث عن معطيات الواقع المعيش، مع معرفتنا الدقيقة بأهمية وزارة التجارة ومدى تأثيرها في تطوير وتنمية الاقتصاد الوطني بجميع حيثياته ومفاصله ، والتي تتطلب كوادر متخصصة قادرة على إيجاد الإصلاحات والحلول وتنفيذها بشكل سليم بعيداً عن التأثيرات الأخرى .
اقتصاديات: ما الذي تفعله وزارة التجارة؟
نشر في: 7 أغسطس, 2012: 06:30 م