بغداد /شاكر المياح تصوير/سعد الله الخالديrnهو حي سكني يماثل الكثير من الاحياء السكنية في اطراف بغداد والمحافظات الاخرى والتي يقطنها الفقراء والمعوزون. بعضها يدخل ضمن التصاميم الاساسية للعاصمة والمحافظات،
والبعض الاخر نشأ عشوائيا من دون سابق تخطيط، بل هو من الافرازات التي اعقبت الاطاحة بالنظام السابق. عشوائيات سكنية لم يرسم اصحابها اشكالها وبنيتها وفق مواصفات هندسية وعمرانية وحضرية، انما اقيمت وفق تخيلات وتصورات بدائية شوهت وجه بغداد الجميل وملأته بالبثور فوسمت وجنتيه بسمة التخلف والقبح سيما وان الزحف طال بعض المناطق الخضر (حدائق ومتنزهات احزمة خضر)، الامر الذي اسهم في تردي الواقع البيئي والجمالي لمدينة بغداد حي طارق الذي يقع شمال شرق العاصمة، خلف السدة الترابية انموذج صارخ لهذه الاحياء، اذ ينشطر الى شطرين، اولهما يقع ضمن التصميم الاساسي، والاخر نما وتوسع مثل (زهرة النيل). ولتعزيز العلاقة بين الجامعات والمجتمع باعتبارها ملبية لاحتياجاته، نظم مركز البحوث البيئية التابع للجامعة التكنولوجية ندوة تحت عنوان (الزحف العمراني على المناطق الخضر وتأثيراته البيئية – حي طارق انموذجا) في مبادرة هي الاولى من نوعها لوضع البحث العلمي في خدمة المجتمع. الوعي والاتصال البيئي وللتساوق مع الواقع المعيش ميدانيا بدأ المركز بـ (حي طارق) باعتباره انموذجا لاجراء البحوث العلمية التي من شأنها النهوض والارتقاء بهذا الحي وانتشاله من بؤسه من خلال اشراك ابنائه ومواطنيه في انجاز البحث العلمي الذي يستهدف اولا تحسين بيئته وواقعه الراهن وترسيخ وتعزيز الوعي البيئي لسكانه. بداية تحدث الباحث الدكتور (عبد الحميد محمد) موضحا للحاضرين الغرض من اقامة هذه الندوة واهدافها قائلا: الزحف العمراني على المناطق الخضر في بغداد ظاهرة تهدد العاصمة بغداد بيئويا وصحيا ولهذا اخترنا حي طارق انموذجاً للاحياء الاخرى التي انشئت بذات الطريقة، ليكون مادة للبحث المزمع اجراؤه عليه لتطويره اولا وللحد من الزحف العمراني على المناطق المزروعة او تلك الاراضي المفرزة لتكون مناطق خضراً، لان المشكلات البيئية في العراق لا حصر لها فكيف نستطيع بوصفنا متخصصين بيئيين ان نحسن ونطور بيئة العراق؟ مع ان هناك مفهوماً خاطئاً للبيئة، فعندما نتحدث عنه يتبادر لذهن المتلقي ان هناك تلوثاً في المياه والهواء والتربة، في حين ان المفهوم الحديث للبيئة يعنى بالانسان والموارد وكيفية تسخيرها لخدمته، ومن هنا نشأ مفهوم الاتصال البيئي، الذي يعزز ويطور ويرتقي بالوعي البيئي و يعمل على نشره بين الناس، ومحاولة تأسيس مشاريع بحثية لها صلة مباشرة بحياتهم. موضوعة الاتصال البيئي حيوية ورئيسية وهذا اللقاء هو احد اوجه هذا الاتصال الذي من خلاله نستطيع اختيار عينة من منطقة نختارها لتكون مشروع بحث علمي يسهم فيه المواطن باغناء البحث ليخرج بنتائج ميدانية حقيقية. هذه العينة من مختلف الشرائح والقيادات الاجتماعية، لتكون خطوة على الطريق الصحيح لبناء دولة عراقية سليمة، بالإفادة من التجارب العالمية في هذا المضمار. فعندما يفكرون في مشروع ما فاول ما يفعلونه هو اشراك الناس فيه والاستئناس بارائهم ومقترحاتهم، لان المشروع هو لخدمتهم ومن خلال توضيح اهمية مفهوم التنمية المستدامة في حياتهم حينما نستخدم الموارد المتاحة في منطقة المشروع المخطط له. من اجل تحسين الظروف المعيشية للمجتمع القاطن في هذه المنطقة التي يجب ان تكون ذات بيئة نظيفة تشتمل على هواء نقي وفيها متنفس للناس وضمان لحقوق الاجيال المقبلة. موضحا ان افضل موازنه حققها العراق والتي بلغت في حينها عشرة مليارات دولار كانت في عام 1980، والان موازنة الدولة 80 مليار دولار، اي ما يوازي ثمانية اضعاف تلك الموازنة غير انها تفتقر الى التخطيط السليم والتخصيصات الصحيحة التي تتسبب في هدر الاموال بشكل عبثي وضياع حقوق المواطنين، ولذلك ستظل الحياة رتيبة كما هي عليه منذ اربعة عقود. الموارد الطبيعية والاجيال المقبلة بعد ذلك تحدث الباحث (مقداد الخطيب) مستعينا بآلة العرض عن البيئة والتنمية المستدامة قائلا: نحن ببساطة نتساءل، هل بامكاننا ان نصنع من حي طارق انموذجا للاحياء الاخرى ام لا؟ وكيف وباي الوسائل؟ ابتداءا هناك رسالة وردت من المستقبل المجهول تقول: انا من احبابكم رصدتكم منذ زمن بعيد واسألكم انتم اعمامي واخوالي، انا اعرفكم على معلقة شجرة عائلتي التي تحمل جميع الاسماء، جئتكم اشكو اليكم فقري وقلة حيلتي فان العراق بات بلا عشب ولا شجر، والماء امسى سقر، فيما الآخرون مرفهون منعمون مترفون في بلاد اخر، قلت لهم ما الفرق بيني وبينكم؟ قالوا ارجع الى اسلافك هم عندهم الخبر، صاحب هذه الرسالة له الحق في ان يسألنا: ماذا فعلتم بمواردكم الطبيعية؟ وماذا وفرتم لي منها؟ وهنا يقصد بالموارد الطبيعية ليس النفط وحده بل تشمل، التربة، والارض والزرع والماء والانهر وكل ما موجود في الحياة وجميع المعادن الموجوده فوق وتحت سطح الارض، وكل شيء طبيعي، والعدالة والقانون. ومن حقه ايضا ان يسألنا ويحاكمنا: لماذا سلمتموني الوطن ارضا قاحلة؟، لم خربت
الزحف العمراني على المناطق الخضر..حي طارق انموذج ارسالة من المستقبل عن بيئة الحاضر!
نشر في: 18 أكتوبر, 2009: 05:04 م