اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > قضـــــاء سنــــجار.. تــــخمة في الأمــــراض وأزمـــة في الميـــاه

قضـــــاء سنــــجار.. تــــخمة في الأمــــراض وأزمـــة في الميـــاه

نشر في: 8 أغسطس, 2012: 06:58 م

 الموصل / نارين شمو المحطة الأولى مع إلياس  "سأستدين ما يقرب من (30) مليون دينار  ( 24الف دولار )، لشراء الكلية و إجراء العملية"، هذا ما أخبرني به إلياس خضر خلال مكالمتي الأخيرة معه.من ينظر إلى إلياس البالغِ خمساً وعشرين سنة؛ وهو يبدو في كامل صحته سيستغرب حين قراءة تقريرِه الطّبي،
 قصورٌ كلويٌ مزمن؛ المرحلة النهائية بدرجة عجز شديدة؛ هي: تسعون بالمئة.   ينكمش نحو بطنه، وأداةٌ للحمِ الأبواب والشبابيك المنزلية بين يديه في محله الصغير، الذي تحول من مصدرِ رزق إلى حاسبة ترقم المبالغ التي يجب أن يحصدها لمراجعة الطبيب وشراء الأدوية. العمل مدة تسعِ ساعات في النهار لم يعد مقبولاً لجسدٍ ينتفخ ورماً بين الحينِ والآخر، لأشهر كان يتناول أدوية للحساسية وأمراض أخرى بسبب سوء في التشخيص. بعد أن أَوقعته الآلام أَرضاً في إحدى الليالي أسرع والده بنقله خارج القضاء متوجهاً إلى مستشفى آزادي في محافظة دهوك. التهديد بشهادة وفاةبقاؤه في المستشفى مدة ستة عشر يوماً، وغسل كليته عدة مرات، لم يضمنا له شفاءً تاماً، إذ كان عليه مراجعة مستشفى لزرعِ الكلْية ثلاث مرات في الأُسبوعِ خلال الأَشهرِ الأُولى من مرضه؛ ويوميِ الأحد والأربعاء من كل أسبوع في المرحلة الحالية.أما شرين، المرأة التي أخذها الفشل الكلَوي من اهتماماتها ومسؤولياتها، بوصفها أُماً، فحالتها السيئة منعتها من التحدث إليَّ، فما كان أمامي إلا الاستماع إلى زوجها إسماعيل، وهو جالس إلى جانبها في منزل من الطين الأسمر، أخبرني أن مرضها جعل من جميع أفراد أسرته تعساء؛ و بفضل ما يجمعه الجيران والخيّرون من نقود يتمكن من أخذها الى المستشفى في محافظة دهوك أسبوعياً ، واختنق قائلاَ: الطبيب طلب مني أن أذهب لعمل شهادة الوفاة إن تخلفت عن إحدى مراجعاتها.رأي الطبيب المشرفأربعة مرات توجهتُ الى مستشفى زرع الكلية الواقعة بجانب مستشفى آزادي العام في محافظة دهوك؛ لألتقي بمدير المستشفى والطبيب المشرف على حالة الياس وشرين، ولم أتمكن من رؤيته لأسباب مختلفة، بعد الاتفاق معه، توجهت إلى عيادته التي اكتظت بمرضى يعانون الفشل الكلوي ومرادفاته. ملامحُ ولهجةُ 60% من المراجعين كانت لأهالي سنجار المميزة عن باقي اللهجات.خلال اللقاء أكد لي أنه يوجد خياران أمام الياس وشرين، إما أن يبقيا على غسل الكلية مدى العمر أو عليهما إجراء عملية زرع الكلية.وأشار إلى أن الماء مسببٌ رئيسٌ لمثل هذه الأمراض، إذا احتوى على ترسبات المعادن، فهو يسبب حصى في الكلية، وإن احتوى على جراثيم ومكروبات تؤثر في الأمعاء والجهاز الهضمي. توتة توتة ما رح تخلص الحدوتةإلياس وشرين ليسا الوحيدين اللذين يعانيان العجز الكلَوي، بل هناك إبراهيم ودلفين و نجلاء و العم حسن والطفل هشام، فضلاً عن (22،000) من المصابين بهذا المرضِ، وأمراضٍ أخرى كالتهاب الكبد الفايروسي، والأمعاء والمجاري البولِية، وتَكلُس الكلية، واحمرار والتهاب الجلد والعيون، والتيفوئيد والبارا تيفوئيد والتسمم، وداء البروسيلا ( حُمّى مالطا )، وكذلك الإسهالُ بالنسبة للمرضى الصغار.المشكلة وتأريخهاقضاء سنجار (أو شنكال باللغة الكُردية) المعروف بتسمية (جبل سنجار) الواقع شمال غرب العراق؛ والتابع إدارياً إلى محافظة نينوى، يعاني مشكلة المياه منذ ما يقرب من نصف قرن، حاله حال العديد من مناطق العراق. الناس في السابق كانوا يعتمدون في عيشهم على مياه العيون في الشرب والاستخدام، وسقي الحيوانات والزراعة، وأصبحت الموارد المائية المتاحة للاستخدام في تناقص مستمر؛ نتيجة لزيادة معدلات الطلب المتزايد للمياه.في منتصف السبعينات من القرن الماضي تم تجميع كل 6 إلى 10 قرى في مجمعات طينية وبطرائق قسرية بأمر من النظام السابق، وتركت تلك المجمعات مهملة من الحكومة إلى اليوم، من يدخلْها يجدْها تفتقر إلى أبسط مستلزمات الحياة.محطات التصفية والتوزيعأغلبية التجمعات السكانية تفتقر الى بنية تحتية لتصفية المياه أو شبكات التوزيع من المصدر الى البيوت، هنالك محطة تصفية مياه وحيدة في عموم القضاء، وتخدم أهالي مدينة سنجار، جميع المجمعات والقرى  تفتقر الى محطات تصفية وتنقية المياه، إذ تزود المواطن بالمياه من دون أية معالجة، ولا تعقيم بسيط.أسست شبكات توزيع المياه والصرف الصحي في مُجمعين اثنين من مجموع أحد عشر مجمعاً سكنياً فقط! وأُهملت بقية المجمعات الى جانب ما يزيد على (85) قرية تابعة لمركز القضاء، وناحيتي القيروان والشمال البالغ عدد سكانهما الكلي ما يتجاوز الـ (350،000).تلك الشبكات غطت من 50 إلى 60% فقط من مجمع خانصور (التأميم) وسنون، أي أن أكثر من 80% من سكان القضاء لا تصل إليهم المياه عبر الشبكات.عدم توافر تلك الشبكات وانتهاء عمرها في المناطق التي توافرت فيها، وعدم تنفيذ مشاريع خدمية أجبر المواطنين إلى البحث عن وسيلةٍ للحصول على المياه والاستمرار بالعيشِ، وهي حفر الآبار.في كل دار بِئر، وفي الدار نفسها مرافق صحي يبعد عن البئر في أقصى الحدود (10) أمتارٍ فقط. قصر المسافة وخطأ العمل الهندسي لإنشاء القساطل ساعدا على تسرب المياه الثقيلة والمركبات السامة إلى الآبار السطحية والارتوازية منها، والتي تسببت بانتشار الأمرا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram