TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: اتقوا الله في المحكمة الاتحادية!

أحاديث شفوية: اتقوا الله في المحكمة الاتحادية!

نشر في: 8 أغسطس, 2012: 09:38 م

 احمد المهنايمكن القول بأنه "لا يختلف اثنان" من أهل العراق اليوم على أن الأغلبية العظمى من الطبقة السياسية لا تخاف الله. وهم في ذلك خلفٌ أمينٌ لسلفٍ لم يشتهر بشيء أكثر من اشتهاره بالتجرؤ حتى على الباري عز وجل. والنكتة المعروفة تقول ان أحدهم قال لصدام انك سيدي اشجع من الأمير علي، كرم الله وجهه.
 ولما سأله لماذا أجابه "المادح" بأنك يا سيدي لا تخاف الله كما يفعل الأمير.ومشروع قانون المحكمة الاتحادية العليا، الذي يوشك مجلس النواب على اقراره، قصة نموذجية على هذه السيرة. ان الدستور هو الحق. والشعوب عندما تضع لدولتها مرجعية عليا هي الدستور، تضع في بالها أن لا يكون هذا الحق الأعلى الذي تعمل به متعارضا مع الحق السماوي الأعلى من كل أعلى على الأرض.ودستورنا الذي يلتزم رأس الحكمة، ويكون بذلك هو الحق، يفرض بأن يكون القضاء أعلى سلطة في الدولة، وأن يكون مستقلا منفصلا عن بقية السلطات. ولكن مشروع قانون المحكمة الاتحادية، وطريقة تنفيذه المتوافق عليها مسبقا، يتعارضان تعارضا تاما مع علوية القضاء ومع استقلاليته في آن. ذلك انه يخضعه لسلطتين دينيتين من جهة، وهما الحوزة العلمية في النجف والوقف السني، اللتان يفترض فيهما ترشيح الفقهاء للمحكمة، كما يفقد المحكمة استقلاليتها من جهة أخرى بجعل عضويتها محاصصة بين الأحزاب.التحالف الوطني، عدا التيار الصدري، يريد رفع دور فقهاء الشريعة في المحكمة من دور استشاري، الى دور مُقرر، من خلال منحهم حق النقض او الاعتراض على أي قرار يرون أنه مخالف للشريعة. والحال فانه ليست هناك حاجة فعلية من الأصل الى الدورين، لأن قرارات المحكمة لا يمكن أن تخالف الشريعة. شأنها في ذلك شأن مجلس النواب الذي لا يمكن أن يشرع قانونا من دون التزام نص المادة الثانية من الدستور، والقاضية بأنه "لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام".وقد كان هناك مسعى، فوق ذلك، لجعل عدد فقهاء الشريعة في المحكمة أكثر من عدد القضاة! وفكرة هذا العدد مثل فكرة الفيتو مخالفة صريحة للدستور، لأن هذه محكمة قضائية، قراراتها بيد قضاة لا فقهاء شريعة. ان وظيفة هذه المحكمة الأساسية هي النظر بدستورية القوانين، أي مدى مطابقتها للدستور. والدستور بذاته لا يترك مجالا بنصه الصريح لمخالفة الشريعة. والحكومة هي من يقترح مشاريع القوانين ومجلس النواب هو من يشرعها. فهل يمكن الشك بإمكانية تمرير هولاء جميعا قانونا مخالفا لثوابت الاسلام؟ واذا صادف وإن حدث ذلك اليست خبرة قضاة المحكمة في الشريعة والقانون كافية لمنع المخالفة؟ان لهذه المحكمة أهمية حاسمة، لأن قراراتها باتة، غير قابلة للطعن، وملزمة للكافة. واذا كانت الديمقراطية هي أولا سلطة القانون، فيمكن القول أيضا "ان المشكلة في العراق قضائية وليست سياسية" على رأي علي الشمري رئيس اتحاد الحقوقيين العراقيين، لأن تفسير المحكمة الاتحادية العليا اياها للمادة 76 بشأن الكتلة النيابية الأكثر عددا، هو سبب ادخال البلاد في أزمة خانقة متواصلة.وكان ذلك "التفسير"، أو بالأحرى "التدبير"، قد أدى الى تعطيل ارادة الشعب بمنح الكتلة الخاسرة في انتخابات 2010 حق تشكيل الحكومة. وقد تشارك أفندية ومعممون كثيرون في ذلك التدبير الذي لم يتق الله! والسيرة متواصلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram