TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > العمود الثامن: النجيفي بعد الفطور

العمود الثامن: النجيفي بعد الفطور

نشر في: 8 أغسطس, 2012: 09:44 م

 علي حسيناعتقد أن العراقيين نساء ورجالا، شيوخا وأطفالا  يستحقون الجنة ونعيمها،  لسبب واحد لا غير لأنهم يتعرضون كل يوم  للكذب والنفاق والخداع وعلى مدى سنوات طويلة، لكنهم صامدون ولم  ينقرضوا، ولم يصابوا بالجنون او الاكتئاب، واعتقد ان العراقيين يتمتعون بقدرات خاصة تجعلهم برغم "ألاعيب الساسة" محتفظين بسلامتهم العقلية والنفسية.
شيء ما في جينات العراقيين يمنحهم مناعة ضد ما يسمعونه من خطب السياسيين وأحاديثهم، وما يبثونه من فيروسات، وهذا ليس مستغربا،  فشعب صمد امام  وصايا "القائد الضرورة " وظل محتفظا بحيويته، لن  يعجز عن مواجهة مجموعة من السياسيين يتمتعون بحس كوميدي لا بأس به في كثير من الأحيان. قبل شهر من هذا التاريخ بالتمام والكمال، وضمن فقرات السيرك السياسي الصاخب وقف السيد اسامة النجيفي في باحة البرلمان تحيط به الفضائيات من كل جانب ليعلن وبالحرف الواحد ان: "سحب الثقة عن المالكي  موضوع جدي من قبل الكتل السياسية الساعية لذلك، وهي ماضية في هذا الأمر ولا تراجع عنه لقناعتها بضرورة ذلك لتصحيح مسار الدولة"، ولم ينس النجيفي آنذاك وهو يسير على الحبال ان  يهتف بصوت عال:" ان هذا قرار الشعب".ولأننا نعيش زمن الفعل و نقيضه فلا عجب حين نشاهد قدرة هؤلاء  السياسيين على تغيير مواقفهم لمجرد ان المواقف الجديدة تصب في خدمة  مصالحهم الشخصية حصرا، فبعد دعوة فطور برلمانية دسمة جلس فيها النجيفي الى جانب المالكي تبادلوا خلالها الأحاجي والألغاز الرمضانية حيث،  فاجأ النجيفي ضيفه المالكي بسؤال محير:" نبك نبكتنه احسن لو نبك نبكتكم، ضوكونة من نبك نبكتكم وانضوكم من نبك نبكتنه" ولان السؤال لا يتعلق بالوضع الأمني الذي وصفة السيد المالكي قبل يومين قائلا: ان المعركة مع الارهاب انتهت" فقد بادر "دولته" بطرح لغز اكثر صعوبة ليختبر قدرة النجيفي على حل الاحاجي حين طلب منه ان يردد وراءه: "حطبنا وحطب بيت الخطيب تخابطو مدري حطب بيت الخطيب خبط حطبنا مدري حطبنا خبط حطب بيت الخطيب " ولان الحطب انخبط، ولم نعد نعرف حطب المالكي من حطب النجيفي، وحتى لا نفقد موقعنا المتميز في سلم البؤس العالمي، فقد خرج علينا امس رئيس البرلمان بـ"شحمه ولحمه" ليبتسم امام نفس الكاميرات معلنا ان: "مسألة استجواب المالكي جمدت و غدا الاصلاح هو الجانب الفاعل في العملية السياسية" طبعا لم ينس ان يبشرنا ان المعركة  انتهت و لم يستطع من خلالها  المدعو  خميس ان يخمش خشم حبش، ولا وحبش خمش خشم خميس. للأسف يعتقد ساستنا المبجلون ان الديمقراطية وفرت لهم المناخ الملائم لإلقاء خطبهم الرنانة، ونسوا ان الديمقراطية صعبة وتحتاج جهوداً شاقة ومضنية وعملاً بالليل والنهار، في زمن تخيم فيه الانتهازية والوصولية على غالبية المهتمين بالعمل السياسي. المشكلة صعبة بالتأكيد ومعقدة، خصوصاً أننا نعيش "زمن الشطارة السياسية" وهو الزمن الذي يريد فيه معظم ساستنا ان يسحبوا البساط  من أولياء الله الصالحين، فقدرة هؤلاء الساسة بارعة في شفاء المرضى وإراحة المهمومين  ومناصرة المظلوم  والمسكين.  فقط اجمعوهم على مأدبة افطار دسمة  ثم ضعوا المايكرفونات امامهم وسترون العجب!!للأسف ينسى البعض أن التصدي للسياسة يعني أن تكون قادراً على صنع موقف والدفاع عنه، يعني أن تؤمن بأنه قد تأتيك ثقة الناس في لحظة لكي تقوم بدور حقيقي، لو لم تكن كذلك، فإنك تمارس الهذر، وإلا فليقل لي السيد النجيفي لماذا كان قبل اشهر يقوم بكل هذا الصخب، وما الذي جعله "يجمد" مشروع الاستجواب؟  هل يريد منا أن تصدق ان كل مشاكلنا انتهت مادام رئيس البرلمان راضيا عن المالكي؟ وان ازمة السكن والبطالة وغياب الخدمات وهشاشة الأمن والاستبداد ونهب ثروات الشعب والمفسدين الذين اثخنوا شرايين الدولة بالجلطات، كل هذا اصبح من الماضي، وان الناس تعيش عصرها الزاهر بالخير والأمان، ألا يدرك رئيس البرلمان  ومن لف لفه أن السياسة تقوم على  الصدق والثقة والإخلاص.على النجيفي ومن معه أن يرحمونا من ألعابهم الصغيرة، خذوا فرصتكم كاملة في حل الألغاز، ولكن عليكم ان تعرفوا ان هذا الشعب ليس غنيمتكم. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram