اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > فتنة «دهشور» الطائفية

فتنة «دهشور» الطائفية

نشر في: 10 أغسطس, 2012: 04:38 م

حسين عبدالرازقالجريمة التي وقعت في قرية دهشور بمركز البدرشين جنوب محافظة الجيزة في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي (يوليو 2012) وأدت إلى مقتل «معاذ محمد حسن» الذي تواجد في المكان بالصدفة وحرق منازل ومحال الأقباط في القرية وتحطيم سيارات واقتحام كنيسة القرية وتدمير محتويات غرفة راعي الكنيسة وتهجير لأسر مسيحية بالكامل من القرى.. هي أحد تجليات «الفتنة الطائفية» التي هددت وتهدد الاستقرار والأمن في مصر، وقبل ذلك تهدد وحدة المجتمع المصري وتنتهك حقوق المواطنة.
ومبادرة وزير الداخلية الجديد للقول إن «أحداث دهشور ليست فتنة طائفية، ولكنها مجرد مشاجرة بين مجموعة من المواطنين» تبسيط مخل للأمر وخطيئة ومحاولة فاشلة لإخفاء الحقيقة واستخدام نفس آليات نظام «السادات - مبارك» التي أدت إلى استفحال ظاهرة «الفتنة الطائفية» في مصر طوال أربعة عقود.صحيح أن الأحداث بدأت بمشادة بين مكوجي مسيحي ومواطن مسلم حرق المكوجي قميصه أثناء عملية الكي، إلا أن تحولها إلى صدام بين المسلمين والمسيحيين استخدم فيه زجاجات المولوتوف الحارقة وتم تحطيم ممتلكات الأقباط واقتحام الكنيسة يكشف عن وجود احتقان طائفي سرعان ما يشتعل بمجرد وقوع حادثة عادية طرفاها مسلم ومسيحي.لقد عرفت مصر ظاهرة «الفتنة الطائفية» كنتيجة مباشرة لانقلاب 13 مايو 1971 الذي قاده الرئيس الراحل أنور السادات، واستخدم «الدين» كسلاح ضد معارضيه سواء من أعوان الرئيس جمال عبدالناصر، أو التيارات اليسارية والشيوعية والناصرية، بدءا بتسمية نفسه بـ «الرئيس المؤمن» وإبراز كلمة «محمد» قبل الاسم الذي اشتهر به «أنور السادات» ثم إضافة «مبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع» في المادة الثانية من دستور 1971، وساعدته مجموعة من العوامل في مقدمتها آثار هزيمة 1967 وهيمنة الخطاب الديني التقليدي على حساب الخطاب السياسي وطرح تفسيرات دينية «إسلامية ومسيحية» لأسباب الهزيمة، إضافة إلى ارتحال المصريين للعمل في الخليج إثر الأزمة الاقتصادية والاجتماعية وتأثرهم بالإسلام الخليجي أو الإسلام البدوي والمذهب الوهابي، وشيوع التعصب الناتج عن الهزيمة والأزمة الاقتصادية الاجتماعية، وتراجع الهوية الوطنية وناظمها الأساسي المواطنة وبروز الهويات الصغرى «الأسرة - العشيرة - القبيلة - الجامع - الكنيسة» ورواج خطاب الإخوان المسلمين - بعد تحالف السادات معهم في السبعينات - والخلط المتعمد بين الدين والسياسة وإحياء الرابطة الدينية على أسس من الأممية الإسلامية بديلا عن الرابطة الوطنية، والقيود على الترخيص ببناء الكنائس وترميمها، وتجاهل المناهج الدراسية للحقبة القبطية في التاريخ المصري التي استمرت ستة قرون منذ عام 70 ميلاديا إلى عام 641 ميلاديا، والتمييز ضد الأقباط في الوظائف العامة.. إلخ.وبدأت هذه الأحداث في نوفمبر 1972 - العام التالي لانقلاب 15 مايو وصدور دستور 1971 والنص على أن مبادئ الشريعة الإسلامي مصدر رئيسي للتشريع - بحرق كنيسة الخانكة، وتتوالى الأحداث أعوام 1975 و1976 و1977 و1981 «الزاوية الحمراء» و1999 و2000 «الكشح» و2001 «صحيفة النبأ» و2002 «قرية بني واللمس بالمنيا» و2003 «العياط» و2004 «أبوالمطامير» و2005 «أبوقرقاص» والإسكندرية 2006 «الإسكندرية» و«قرية العدسات بالأقصر»، و2007 «قرية بمها بالعياط» و«تكفير محمد عمارة للأقباط وإباحة دمهم» و2010 «سمالوط» و«الإسكندرية» ليلة رأس السنة 2011 «كنيسة القديسين».وبعد ثورة 25 يناير 2011 كان مفترضا أن تعالج الدولة أسباب الفتنة، ولكن الوضع استمر على ما هو عليه، وزاد الأمر خطورة هيمنة الإخوان المسلمين على مؤسسات الدولة بالتحالف مع حزب النور وأحزاب تيار الإسلام السياسي الأخرى لتصبح البيئة مهيأة لمزيد من الاحتقان الطائفي، وتتوالى أحداث طائفية خلال العام الماضي مثل هدم جدار دير الأنبا بوشوي (23 فبراير 2011) وأحداث كنيسة صول (4 مارس)، ومذبحة ماسبيرو (9 أكتوبر) وفتنة إمبابة في 4 مايو (6 قتلى و75 مصابا) وأحداث ماسبيرو التي تلتها، وأحداث كنيسة الماريناب (30 سبتمبر) ومذبحة ماسبيرو الثانية (9 أكتوبر 2011)، وأخيرا جريمة «دهشور».واستمرار الصمت على هذه الفتنة أو إنكار وجودها جريمة في حق الوطن والمواطنين والحلول معروفة وواضحة، ومسجلة في البيان الصادر عن مؤتمر الوحدة الوطنية ومواجهة الفتنة الطائفية الذي عقد في نقابة الصحفيين في أكتوبر 2010، ولا يحتاج تنفيذها  إلى أكثر من توافر الإرادة السياسية والعمل من أجل الوطن وليس الحزب أو الجماعة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram