TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > حكمت سليمان.. من هيئة النيابة الى الزراعة وصناعة الالبان!

حكمت سليمان.. من هيئة النيابة الى الزراعة وصناعة الالبان!

نشر في: 18 أكتوبر, 2009: 05:34 م

عبدالقادر البراكتمتد معرفتي بالمرحوم حكمت سليمان احد رؤساء الوزارات السابقين في العراق الى ماقبل حلول سنة 1950 فقد كان يتردد على مكتب صادق البصام الذي افتتح مكتبا للمحاماة بعد ان قطع الامل من العودة الى التمتع بالوزارة او العودة الى مجلس الاعيان اثر وقوفه الحازم ضد المطالبين باعفاء الصهيوني شفيق عدس ممول العصابات الصهيونية بالسلاح من حكم الاعدام
 وبعد ان طالب بأن تتجه سياسة العراق الى الشرق بعد ان خذل الغرب العرب في قضية فلسطين!.اول مؤامرة تعترض حياتهوكان مكتب البصام محجا لعدد كبير من النواب والساسة والمتقاعدين وهم يتحدثون غالبا في الامور السياسية من بينهم حكمت سليمان الذي لم يتخلف عن الحضور حتى في الاشهر التي تم اختياره عضوا في (هيئة النيابة) عن الملك عند سفره خارج العراق وكان الرجل قد تعرض لمؤامرة دبرتها له حكومة نوري السعيد المؤلفة بعد عودته من مصر في العام 1935 وكاد المجلس العرفي العسكري ان ينهي حياة حكمت سليمان بحكم الاعدام لجريمة موهومة عجز الشهود عن اثبات اي دليل عليها بدليل ان احد الشهود وكان كريم العين قد وصف دار حكمت سليمان بانها مبنية من الاسمنت وانه شاهده وهو يجتمع بالمتآمرين مع ان بناء البيت كان من (اللبن) وحين سأل الشاهد الثاني عن مدى الرؤية التي شاهد من خلالها حكمت ذكر رقما لايعقل ان يكون مساعدا للرؤية!اعتزال عن السياسةوقد اعتزل حكمت سليمان السياسة بعد تلك الحادثة وانصرف الى الزراعة وصناعة الالبان استجابة لنصيحة عبدالجبار الخياط اول وزراء الدولة في اول وزارة عراقية باستثمار الارض الزراعية التي آلت اليه من عائلته في الصليخ وترك العقارات الموروثة في جديد حسن باشا والحيدرخانة الى بقية الورثة، وفعلا فان اراضي الصليخ قد حققت ثروة طائلة كان ينفقها في اقامة الولائم وبناء المدارس ومساعدة المحتاجين، واتخذ من البناية التي دفن والده سلمان فائق المؤرخ العراقي الشهير والواقعة في متصرفية بغداد القديمة مقرا لاستقبال زواره صباح كل يوم الى ان اختاره الله الى جواره.من استانبول تعلم الكثير!لم يكن حكمت سليمان عالما بالقانون والمالية وما اليهما من العلوم التي تولى تدريسها في كلية الحقوق ولكن نشوءه في استانبول مع اسرته التي كان يقلد شقيقه فيها محمود شوكت باشا الذي صار رئيسا للوزراء بعد الانقلاب العثماني ضد السلطان عبدالحميد عام 1908 افادته في الكثير من التجارب وكسب ثقة عبدالمحسن السعدون فكان الوزير الدائم في وزارته ثم في وزارات اخرى الى ان خذله ياسين الهاشمي بتحريض رشيد عالي الكيلاني بعدم تنفيذ مقررات مؤتمر الصليخ باسناد وزارة الداخلية اليه فانصرف الى العمل السياسي مع المعارض جعفر ابو التمن وجماعة الاهالي وعدد من الساسة المعارضين لسياسة الهاشمي والكيلاني وعلي جودت!وقد اصدر حكمت سليمان جريدة (البيان) لمعارضة وزارة الهاشمي لتنوب عن جريدة (المبدأ) لصاحبها جعفر ابو التمن فلم يصدر منها سوى عدد واحد حيث عطلت لسنة واحدة واصدرها مرة ثانية لمعارضة اتفاقية السكك المجحفة بحقوق العراق فعطلت سنة ثانية!.ابدع الرؤساء!وتحتشد ذاكرة حكمت سليمان بالكثير من الحوادث لضخامة الاحداث التي له الاسهام بها بالرأي والعمل ولم اجد بين رؤساء الوزارات في العراق من استطاع ان يمسك خطوط قوى النفوذ الحقيقي في العراق فقد كان يتمتع بثقة السفارة البريطانية والبلاط وبعض رجال العشاير ورجال الجيش والطبقة المثقفة فكان يحسن التوازن في التصرف حيال كل هذه الاطراف!ولكنه اصطدم بطموحات عديدة صرفته عن الحكم ومتاعبه فقد ذكر لي ان ياسين الهاشمي بمعاونة رشيد عالي كانا يتطلعان الى حكومة على غرار الحكومة الايطالية تكون السلطة الوهمية فيها للملك عمانويل والسلطة الحقيقية لموسوليني وعلى غرار الجمهورية التركية التي استطاع عصمت باشا ان يستحوذ على مصطفى كمال!انقلاب السعيد ونسيبهوقال لي ايضا ان نوري السعيد وجعفر العسكري كانا يعتزمان القيام بانقلاب عسكري ضد وزارة ياسين الهاشمي وقد ابلغ رؤساء العشاير الذين اتصلا بهم لهذا الغرض (الميجر ادمونزر) مستشار وزارة الداخلية فنصحهما بالعدول عن ذلك ولكنهما استمرا في العمل لان طموح الكيلاني لم يكن ينتهي عند حد فلقد كان يشجع الملك غازي خلال مدة نيابته عن ابيه الملك فيصل الاول ليسلك المسالك التي تثير غضب بريطانيا.وذكر لي انه كان يفكر باشراك نوري السعيد وجعفر العسكري بوزارة الانقلاب لضمان ثقة السفارة البريطانية ولكن مقتل جعفر العسكري ادى الى غضب نسيبه السعيد واختفائه مخافة ان يتعرض هو الاخر الى القتل واعضاء وزارة الهاشمي على يد اعوان بكر صدقي. وقال حكمت سليمان ان الميجر ادمونزر قال له ان بريطانيا ستتدخل اذا تعرض هؤلاء الوزراء لاي اعتداء فطلب اليه ان يوافيه مساء اليوم الى داره في الصليخ حيث اقام وليمة عشاء لبكر صدقي ورفقائه ليقدم الانذار وليضع الانقلابيين امام الامر الواقع ورغم العربدة التي اثارها اعوان بكر صدقي ضد ادمونزر فانهم ثابوا الى رشدهم واقلعوا عن تفنيذ مخططاتهم بتقل اولئك الوزراء!اعتذر.. ثم قبل!ومما اذكره من احاديث حكمت سليمان انه اعتذر عن قبول وزارة الانقلاب مرتين قبل ان يلح عليه ابو التمن وبعض الوزراء لكي لايفلت الوضع وتعم الفوضى وقال ان نوري السعيد بالرغم من انه كان يعرف حسن نواياي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram