TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: ملاحظة الملك المؤسس

أحاديث شفوية: ملاحظة الملك المؤسس

نشر في: 11 أغسطس, 2012: 10:05 م

 احمد المهناقامت الحياة السياسية في الدولة العراقية الأولى (1921 – 2003 ) على ثنائية "العراقية" و"القومية العربية". وقد اتصفت المنافسة بين هذين التيارين السياسيين بالمرارة الشديدة غالبا، وبالعداوة أحيانا. وفي الحالين عملت على تغذية "الانقسام العراقي".
وقد خضعت كل المظاهر السياسية والأمنية والإجتماعية والثقافية، بهذا المقدار أو ذاك، الى هذه الثنائية. وبمرور الزمن تكونت لدى كل طرف منهما "حساسية" و"رؤية" خاصة ومختلفة عن الطرف الآخر. صحيح أن خطوط السياسة قد تقرِّب بينهما في مناسبة، أو في مرحلة. أو أن التعارض قد يقع أحيانا بين أطراف التيار الواحد. ولكن مثل هذه اللقاءات أو التعارضات بقيت أعراضا طارئة على انقسام جوهري.الكرد، مثلا، حملوا السلاح وحاربوا عبد الكريم قاسم، وهو أهم أعلام التيار أو الإتجاه العراقي. ولم تكن الأحوال سمنا على عسل دائما بين الشيوعيين وبين قاسم. ولكن هذه "الأعراض" لم تبعد أيا من هذه الأطراف عن السباحة في نفس التيار "العراقي". وبقي جمهور هذا التيار يحتفظ بحساسية مشتركة. ولهذا التيار كان العالم الخارجي الصديق يتمثل بالمعسكر السوفياتي وتوابعه. وكانت "حساسية" الصداقة تمارس دورها الوجداني والعاطفي تجاه مواقف وأحداث البلدان الدائرة في الفلك السوفياتي. فمثلا عندما أسقط بينوشيت النظام الشيوعي في تشيلي، تأثر شاعر شعبي فكتب قائلا "تشيلي تمر بالليل نجمة بسِمانا".أما "حساسية" التيار القومي فقد تركزت على "الوطن العربي" عموما، وعلى القاهرة ودمشق خصوصا. هنا كان مدار العواطف والانفعالات. "العالم الآخر"، بشرقه وغربه، كان متآمرا. والتحالف مع معسكر موسكو كان بدواعي المصلحة والإضطرار. فالتيار القومي العربي هو آيديولوجية عزلة عن العالم. كما كانت "العراقية" آيديولوجية عزلة عن "العروبة". وكلاهما كان جزءا من تيار العالم الثالث المعادي للغرب.ولأن "الديمقراطية" لم تكن جزءا من روح التيارين، بل خصم فكري مشترك لكليهما، فقد كان التقارب الحقيقي بينهما متعذرا. الأمر الذي جعل توحيد الحياة الوطنية متعذرا بدوره. وقد ظهر "الانقسام العراقي" بأوضح صوره أثناء الحرب العراقية الايرانية. فقد كان قسم من التيار "العراقي" يقاتل جنبا الى جنب مع الايراني ضد العراقي. وكان قسم آخر من نفس التيار حائرا. بينما وقف قسم قليل ثالث منه ضد ايران المصرة على مواصلة الحرب بلا هوادة. في المقابل كان التيار القومي العربي عموما ضد ايران على طول الخط.ولقد أدت تلك الحرب الى خفض هائل في رصيد التيارين. ثم أدت الدكتاتورية وحرب الخليج الثانية والحصار الى ما يقرب من تصفيرهما. وكان "صفر" الحياة السياسية هذا هو ما جعل الغزو الأميركي للعراق عام 2003 ممكنا.ومع هذا الغزو ولدت "الدولة" العراقية الثانية. وكان الانقسام قد تبلور بصيغة ثلاثية جديدة، بعدما صار للكرد رؤية وحساسية وشخصية مستقلة. ولم يعد الفكر السياسي الحديث هو الفاصل بين التيارات أو "المعسكرات"، وانما "المكونات" التقليدية المؤلفة من الطائفة والإثنية. فهل تستطيع هذه المكونات التقليدية تحقيق الوحدة الوطنية التي عجزت عنها الأفكار الحديثة- أي "العراقية" و"القومية"؟ أو هل يبلور "الفكر التقليدي" ممارسة ديمقراطية لم يقم بها "الفكر الحديث"؟ أم أن هذا الانقسام السياسي والاجتماعي ماض في طريق يفضي الى تقسيم العراق لدولتين أو ثلاث؟منذ البداية لاحظ الملك المؤسس ان فكرة العراق أكبر من أهله. ومازالت الملاحظة تبدو صائبة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram