ياسر السالمترى ما الذي عناه التحالف الوطني، في طرح هذا العنوان/ الشعار الملتبس: الإصلاح؟هل هو تنفيذ ما اتـُفق عليه سابقاً، خارج إطار الدستور، وتم التنكر له لاحقاً؟ أو هو ترضيات سياسية جديدة، لتمشية الأمور كيفما اتفق، حتى نهاية الدورة الانتخابية هذه؟أم لعله إصلاح سياسي حقيقي، شامل وعميق؟
السؤال جاء متأخراً بأكثر من شهر. لكن لا بأس، فالشعار مازالت نواياه غير متكشفة.حديث نواب التحالف الوطني؛ تصريحاتهم؛ إعلاناتهم التبشيرية، عن لحظة انفراج سياسي قادمة، بحاجة إلى تفحص؛ معاينة؛ تأمل؛ ثم إحاطتها بعلامات استفهام، والإجابة ما أمكن !شخصياً، لا أتوقع - مع استحضار ذاكرة الـ 9 سنوات الماضية - ما هو خارق من هؤلاء الخصوم السياسيين لصالح الناس.. أي طرف منهم. فالإصلاح، مبدئياً، يتطلب وجود ثقة. هم لا يثقون في بعضهم البعض إطلاقاً.. نحن، لا نثق بـ"كلهم" !والإصلاح، يستدعي فهماً عميقاً لما وصلت إليه الأزمة السياسية، وأيضاً، يستدعي إيقاف القصف السياسي- اللغوي المتبادل بين المتعاركين.إنه كذلك، بحاجة دائمة إلى حوار، إلى نقطة وصول؛ نقطة تلاقي واتفاق، لا طرح آراء، تتقابل وتتصادم في خط واحد، ينطلق ليعود إلى نقطة البداية. ما يجري اليوم، هو عملية دائرية لا تصاعدية. إن شيئاً لن ينتجُ عنها.والأهم من ذلك كله، أن الإصلاح يتطلب، إرادة متحررة من الأنانية للتوجه صوبه، تصاحبها مصداقية.بلى، ذاك ما يجعل الإصلاح ممكناً، وإلا، فإن كل تحرك، كل حديث، كل فعل مجرد مما سبق، سيحول الإصلاح إلى خدعة، ومغزاه إلى لعبة استعراض سمجة وبائتة.حتى الآن، لم تبرز ملامح شيء إلى حيز الوجود. لا الثقة متوفرة، ولا حرب العناوين الصحفية هدأت.. حتى ورقة الإصلاح المفترضة، ينفي وجودها خصوم التحالف الوطني !وشكّي يتمادى، في تفسير ماهية إصلاحاتهم المزعومة، في ما لو شرعوا في حوارهم ضمن حلقة المتنفذين الضيقة، بمعزل عن الرأي العام، أو لنقل، على أقل تقدير، بمعزل عن القوى السياسية الأخرى.في المقابل، نجد أن الطرف الآخر، ممن التقوا في أربيل (القائمة العراقية؛ التحالف الكردستاني؛ التيار الصدري)، جعلوا من عملية سحب الثقة عن رئيس الوزراء، شعارا إصلاحيا.. وهو الأمر الذي تعثروا فيه.إذن، عنوان/ شعار الإصلاح، كيفما حاولنا تأويله والتقاط رسائله، من هؤلاء الخصوم المتنفذين؛ نراه عملية اشتغال كابوسي على محنة الإنسان العراقي.إنه أيضاً، وقبل كل شيء، عمل مكرس لإدامة تغييب الاستقرار السياسي؛ ونوع من السلوك العبثي الذي يصب في مجرى الضجيج والإرباك. إنه عمل مكرس لتعميق الأزمة، وتدويرها لا حلها.هكذا هم، يستهلكون كل حين، شعارات تحاكي أمنيات العراقيين.. ثم يغتالونها، فتغدو بلا جدوى في الذاكرة الاجتماعية، وغير ممكن إعادة إحيائها !فاصلةفي مثل هذه الحال، وإزاء هذه المفارقة المضنية، أعتقد أن العثور على أجوبة لهذه الأسئلة أمرٌ ممكن.بلى. فبقدر ما هو هذا كبير – طرح شعار الإصلاح – بقدر ما هو هيّن وبسيط وقابل للتأويل. لاحظ معي، تلك البساطة التي تقال بها كلمة (إصلاح)، تكشف لنا (أو لي) أنهم مستمرون في لعبتهم؛ مستمرون في إحباطنا، ثم: لا أكثر، إذ لا ضرورة إلى ما هو أكثر.. بهذا هم يواصلون الإسراف في التهام وليمة السلطة.وبعد هذا، هل ثمة من يجرؤ على القول: إنهم صادقون؟.. من تراه يجرؤ على الحلم: لو أنهم يصدقون؟!
اغتيال الإصلاح
نشر في: 12 أغسطس, 2012: 06:18 م