اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > تجــريــم ارتشـــاء "أبو الكباب"!

تجــريــم ارتشـــاء "أبو الكباب"!

نشر في: 12 أغسطس, 2012: 06:21 م

رحيم حسن العكيلي*وضعنا عام 2010 مشروع قانون لمكافحة الفساد يستجيب لبعض متطلبات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي صادق عليها العراق عام 2007 ،ومن بين نصوصها نص يجرم الرشوة في القطاع الخاص ، وحينما عرض على مجلس الوزراء  لإقراره
2012-08-12كمشروع قانون لعرضه على مجلس النواب ُشكلت لجنة لدراسته وإعادة النظر فيه ، فاعترض أحد القانونيين في اللجنة  مستهزئا ( وما علاقتنا برشوة أبو الكباب ، وما شأننا في الفساد في القطاع الخاص ؟) ، ووافقه الآخرون بشدة ، فعلمت حين ذاك مستوى علم من أتعامل معهم  .وحدثتهم انه حصل أن تبرعت إحدى المنظمات الدولية بكراسيّ متحركة للمعوقين وسلمتها إلى منظمة مجتمع مدني عراقية لتوزيعها على المستحقين مجانا ، فاستغل بعض العاملين في منظمة المجتمع المدني العراقية الأمر ،  إذ اشتراطوا على المعوق دفع خمسين ألف دينار لإدخال اسمه ضمن المستحقين . ومن وجهة نظر قانونية فإن فعل هؤلاء فعل مباح غير مجرم في التشريع العراقي إذ لا وجود لجريمة الرشوة في القطاع الخاص .واستعانت وزارة التخطيط بشركة خاصة لإجراء فحوصات التقييس والسيطرة النوعية على البضائع الداخلة  إلى العراق ، فلو أخذ الموظف رشوة في مقابل إمرار البضاعة الداخلة بلا فحص أو خلافا للتعليمات فيعد فعله مباحا لا إشكال فيه .وكانت النية الاستعانة بشركة خاصة في مواضيع إجازات تسجيل السيارات ( السنويات ) وأرقام المركبات ، ولو تعاطى موظف تلك الشركة رشاوى لإمرار أو تسهيل بعض المعاملات فلا يحق لأحد ملاحقته عن جريمة الرشوة لأنه لا يحمل صفة الموظف ولا المكلف بخدمة عامة ، وإنما تنحصر جريمة الرشوة في القانون العراقي بالموظفين والمكلفين بخدمة عامة .وحدثتُ ( أبو الكباب ورفاقه )  عن قوانين أجنبية وعربية تجرّم بعض مظاهر الرشوة في القطاع الخاص بنصوص خاصة ، قبل أن تدعو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلى تجريمها بطريقة أوسع بكثير مما تتطلبه الاتفاقية  ، إذ نصت المادة ( 106 ) من قانون العقوبات المصري – المنقولة عن الفقرة الخامسة من المادة ( 177 ) من قانون العقوبات الفرنسي – على ما يأتي :- ( كل مستخدم طلب لنفسه أو لغيره أو أخذ وعوداً أو عطية بغير علم مخدومه ورضائه لأداء عمل من الأعمال المكلف بها أو للامتناع عنه ، يعتبر مرتشيا ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنتين بغرامة مالية لا تقل عن مئتي جنيه ولا تزيد على خمسمئة جنيه ) .فهذه المادة تعاقب المستخدمين المرتشين ، ولم يستلزم النص صفة خاصة في المستخدم  فيصح أن يكون مستخدما في شركة تجارية أو صناعية أو زراعية أو محل تجاري وما شابه ( ) ، وهو نص تجاوز ما تريده الاتفاقية التي اكتفت بالدعوة إلى تجريم الرشوة في كيانات القطاع الخاص كالشركات والبنوك ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات والنوادي ...الخ .وتشترط المادة ( 177 ) من القانون الفرنسي في تجريم ارتشاء المستخدم أن يكون من العاملين بأجر ، وإن كان لا يهم وسيلة دفعه سواء نقدا أو عينا أو نصيبا من الأرباح ، ولا مواقيت الدفع ،كأن يكون يوميا أو شهريا أو أسبوعيا أو سنويا . ولا يشترط وجود عقد عمل بل يكفي مجرد التكليف بأجر ، كما لا يشترط دائمية العلاقة بالعمل .وعاقبت المادة ( 22 ) من قانون العقوبات المصري ( الأطباء والجراحين ومن في حكمهم ) ممن يعملون في مهنة حرة إذا طلبوا لأنفسهم أو لغيرهم أو اخذوا وعودا أو عطايا لإعطاء شهادات أو بيانات مزورة بشأن حمل أو مرض أو عاهة أو وفاة ... باعتبارهم مرتشين  ، وتلك الجريمة هي جريمة مختلفة عن جريمة تزوير تلك الشهادات أو البيانات الطبية ، فلو ضبط الطبيب - الذي يعمل لمصلحته في عيادته - وهو يطلب مبلغا لإعطاء تقرير طبي على خلاف الحقيقة فإنه يعد مرتكبا جريمة الرشوة  ، ولو كان لا ينوي إعداد الشهادة المطلوبة ، وهذا شكل من أشكال الرشوة في القطاع الخاص ، يتضمن محتوى أوسع بكثير مما تتطلبه الاتفاقية .وعدت المادة ( 298 ) من قانون العقوبات المصري  الشاهد الذي يقبل عطية أو وعدا بشيء ما لأداء شهادة الزور مرتشيا وفرضت عليه العقوبة الأشد من عقوبتي الرشوة أو شهادة الزور  ، وهذه صورة أخرى للرشوة في القطاع الخاص وتقع الجريمة بها كاملة ولو لم يشهد الشاهد  زورا ، وهي أيضا تتضمن توسعا عما دعت الاتفاقية إلى تجريمه من مظاهر الرشوة في القطاع الخاص .أن عدم الإنصاف والظلم واضح في الكثير من الممارسات التي تعد من صور الرشوة في القطاع الخاص مثل تجاوز الدور في عيادات الأطباء في مقابل رشاوى تدفع للواقفين بأبوابهم على حساب معاناة آخرين من المرضى ممن يعجزون عن دفع مبالغ مماثلة وهو تصرف مرفوض اجتماعيا وأخلاقيا ولابد من مواجهته .لكن فقهاءنا من وعاظ السلاطين في العراق لم يمر ببالهم من مظاهر الرشوة في القطاع الخاص سوى ( ارتشاء أبو الكباب ) ،لذا رفضوا بشدة إمرار النص ، رغم أنني حدثتهم بكل ما ذكرته هنا ،فاكتشفت حينها أننا في العراق لا نعاني انعدام الإرادة السياسية لمكافحة الفساد فحسب ، بل نعاني أيضا&n

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram