TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > في الحدث:سماحه.. الوزير العميل

في الحدث:سماحه.. الوزير العميل

نشر في: 12 أغسطس, 2012: 08:58 م

 حازم مبيضين كان منتظراً ومتوقعاً أن تسعى دمشق لتصدير جزء من أزمتها إلى دول الجوار, لكن ما لم يكن في الحسبان, أن يكون ذلك على شكل استهداف تجمعات مسيحية وأن يكون المكلف بعمليات التفجير والاغتيالات مسيحياً كان وزيراً ونائباً, وهو معروف بولائه للنظام السوري, وافق وقبل أن يكون أداة لاغتيال عدد من الزعامات المسيحية اللبنانية بمن فيها الأب صفير, وتفجير مناطق مسيحية تحت مسميات سنية.
الرواية الرسمية تقول إن الشخص الذي استعان به سماحة لنقل المتفجرات التي أحضرها من مكتب اللواء علي مملوك في دمشق سارع إلى إبلاغ الجهات الأمنية اللبنانية التي نصبت كمينا وثقت فيه بالصوت والصورة تورط سماحه قبل أن تعتقله ويعترف بكل التهم المنسوبة إليه وفيما يشبه صحوة متأخرة لضميره أبلغ المحققين شكره لأنهم كشفوا القضية قبل أن تحصل التفجيرات لكي لا يحمل وزر الدم والضحايا التي ستسقط، ومعترفا بغلطته قال إنه يشعر بالراحة لأنه لم يحمل وزر دم أبرياء كان يمكن أن يسقطوا. ليست مفهومة الأفكار أو المشاعر التي دفعت سياسياً أوصله مواطنوه إلى مقعدي النيابة والوزارة لقبول أن يتحول إلى مجرد تابع إجرامي بكل هذا الانحطاط, إذ لايمكن لمشاعر الصداقة التي تربطه بالرئيس الأسد أن تكون دافعاً كافياً لتحول سياسي بارز إلى مجرم, ولا يمكن أن تكون أفكار القومية العربية والممانعة ومعاداة الصهيونية هي الدافع لارتكاب فعل بشع كالذي قبل الوزير السابق تنفيذه ضد أبناء شعبه, وبتعليمات من خارج الجغرافيا اللبنانية. وحتى بعد أن وضعت الأجهزة الأمنية اللبنانية يدها على أداة الجريمة, وهي 24 عبوة ناسفة، فإن أنصار وحلفاء النظام السوري كحزب الله ورئيس النواب نبيه بري, سارعوا إلى استنكار اعتقال سماحه, ووصفوا العملية بأنها تعرض وفبركة ضده, لكن الرجل أسكتهم حين أكد صحة اعترافاته بالضلوع في الجريمة, وأعلن ندمه على الانخراط في مؤامرة كانت موجهة  ضد وطنه ومواطنيه, وهنا يجب ملاحظة أن منظومة متكاملة تعمل في وطن الأرز لصالح النظام السوري, والغريب أن بعض المنضوين تحت رايتها يشغلون مواقع سيادية مؤثرة في لبنان. مع الشعور بالأسى لانحدار سياسيين لبنانيين إلى مستوىً أخلاقي متدهور, بقبولهم التحول إلى أدوات بيد المخابرات السورية, فإن على جميع الدول المجاورة أخذ الحيطة والحذر, من عمليات قد تكون خططت لها تلك الأجهزة لتوسيع بيكار الأزمة وخلط الأوراق, خصوصاً وأنها عملية تهدف إلى خلق فتن مذهبية وطائفية, كما كان واضحاً في العملية اللبنانية, التي أحبطها ضمير واحد من المكلفين بتنفيذها, وإذا كانت دمشق لجأت إلى فرد تعرف مقدار ضعفه تجاه أوامرها, ولم تلجأ إلى تنظيم فاعل كحزب الله القادر على تنفيذ عمليات أكبر بكثير فلأنها تدرك أن هناك بعض الضوابط التي تمنع هذا الحزب من تنفيذ تلك الجرائم.كشفت العملية التي كان ميشال سماحه مكلفاً بتنفيذها, بعد استنفاذ قدراته الخطابية والتحليلية على شاشات التلفزة السورية , يؤذن بمرحلة جديدة من الأزمة السورية, كان الجميع حذروا من الوصول إليها, ولعل من إرهاصاتها تلك الاشتباكات التي تندلع بين الجيشين السوري والأردني عند حدود البلدين, وتسعى عمان للتقليل من أهميتها, وتصمت عنها دمشق صمت القبور, ولعل النتيجة الأخطر لهذه المقدمات هي التحرش بالجيش الإسرائيلي المتحفز, وهي ستقود إلى تفجير المنطقة بالكامل, وستكون الترجمة العملية لمقولة " علي وعلى أعدائي ". هل يستحق موقع في الدنيا مهما علا شأنه, أن تدفع شعوب المنطقة كل هذه الأثمان لينعم,  صاحبه بالتمسك به ولو إلى حين؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram