TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > سلاما ياعراق : في أربعينية كاظم الكاطع

سلاما ياعراق : في أربعينية كاظم الكاطع

نشر في: 13 أغسطس, 2012: 06:24 م

 هاشم العقابي اعتدت أن أدس دوواين كاظم إسماعيل الكاطع،  مع كتب قليلة أخرى، بين أمتعتي أينما سافرت. كان كاظم يبعثها لي بيد الطروش القادمين من بغداد للمنفى الذي أعيش به. أضع تلك الدواوين على رف يشكل مكتبة متنقلة صغيرة يتحدد حجمها وفق ما تسمح به مقتضيات السفر.
 الرف لا يخلو من مجاميع أخرى أهداها لي أصدقائي الشعراء الشعبيون. لكن بعد أن مات كاظم صرت أضع مجاميعه قرب وسادتي لأقرأ منها ما أستطيعه قبل أن أغفو. ربما هي حيلة دفاعية من اللاشعور تحاول إقناعي بأن كاظم لم يمت. وقبل أيام حلت الذكرى الأربعينية لفاجعة رحيله فعادت صورته لا تفارقني على مدى قرابة أسبوع. تذكرت أسئلة كنت أوجهها له لأعيدها عليه اليوم في مخيلتي. استحضر جوابه فابتسم وقد أضحك أو أبكي. في بداية الحرب مع إيران، وقبل أن أغادر العراق صوب المنفى في العام 1983. سألته ذات يوم: إنك تحذر من زمن قادم يملأني بالرعب، فهل هذا مجرد خيال أم تراكمات بفعل كثرة قراءاتك؟ أجابني: لا أدري. أعن هذا الزمن تتحدث أم عن غيره؟ عنه وعن غيره. هل قصدك أن القادم من الأيام أشد اسودادا من هذا السواد؟ نعم. فال الله ولا فالك.وراحت أيام وجاءت أخرى. كل يوم فيها اشد ظلاما من سابقه. ثم جاءت أيام الحصار المر الذي صب فيه العالم كل قذاراته الإجرامية على العراق شعبا وأرضا وسماء. قلت في وقتها هذا الذي قصده كاظم في توقعاته. هاي هي الأيام التي قال فيها: "سني الما ضحك بالعيد جا يوم الطبك يضحك". وهي التي قال عنها:فظ الازدحام وقلت الناسوما جدامنه بس واحد .. اثنينيوصلنه السره ويتأجل الموتيم اركابنه وتعمه السجاجينوسقط النظام وولى صدام وانتهت أيام الحصار. عدت لبغداد في أول أيام السقوط فالتقيت كاظم فصار يشرح لي ما حل بالعراق بعد فراقي له. قلت له: اغلب قصائدك كانت تنذرنا بما سيحدث لكننا لم ننتبه. رد علي: والقادم ما زال أسوأ يا صاحبي. لا أظن فما عشناه من تجربة مرة كشعب وساسة ومثقفين قطعا ستجعل أيامنا القادمة أفضل. هز رأسه بالنفي وكأنه يقول إني أرى ما لا ترون. وهم فال الله ولا فالك يا كاظم.البارحة لم أفتح ديوانا لكاظم إسماعيل الكاطع قبل أن أنام، إنما تذكرته وهو يلقي بطريقته الخجولة قصيدة له في احد مراكز الشباب بمدينة الثورة أوائل السبعينات قال فيها:كلي بيا زمان تصير؟حتى الصيف ما مش بيه مشراكه حرامي يحلف المبيوك    والمبيوك يتعذر من الباكه؟!ها أنا اعتذر لك منحنيا  يا أبا وسام إذ ظننتك، في آنها، مبالغا فما كنت أصدق أن يحدث هذا الذي تقول عنه في إي مكان أو زمان. والآن أقول لك صارت يا كاظم. فالحرامي لم يحلف "المبيوك" فقط، بل صار يحكمه ويحاكمه. وينك يا كاظم:وين أهلي، علي ما دكوا الباب؟تره صحتي عليلة وكلبي مو زينخسارتنه جبيره وغشمة عالسوكبعنه اعقولنه بسوك المجانين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram