اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > فضائيات الأطفال.. قنابل وورود في يد بيضاء

فضائيات الأطفال.. قنابل وورود في يد بيضاء

نشر في: 17 أغسطس, 2012: 05:36 م

 بغداد/ نوري صباحالدهشة الكاملة.. الفرح النقي.. رعشة سبر الأغوار.. كلّها تستعمر  روح الطفل، وعيناه مسمّرتان على شاشة التلفاز، تطاردان مع "توم" المصرّ ببؤس، ذلك الـ"جيري" الصغير اللئيم."تصدير لثقافة المطاردة والسعي الدائب والتهالك على اقتناص فريسة ما في مكان ما.. محاولة لأمركة الإنسان في سن مبكرة جدا".
هذا ما يراه عبد الوهاب المسيري في كتابه فقه التحيز، حين يمثل بالكارتون الشهير "توم و جيري" على الاستحواذ القيمي الغربي.  المطاردة ميزة طاغيةبيد أن بثينة جلال الدين ،وهي متخصصة في علم نفس الطفل لا يبدو أنها تتفق قليلا أو كثيرا مع الدكتور المسيري حين تعلق على رأيه السالف، قائلة كمن يصد عن نفسه هجوما مباشرا  "بالتأكيد ليس من قبيل الصدفة أو اللاقصدية أن تكون المطاردة ميزة طاغية في معظم الأعمال الكارتونية، لكن الهدف المنشود من وراء ذلك هو اكتشاف الأشياء على هامش المطاردة ولا يوجد أي خبث أيديولوجي في المسألة".تتباين آراء أرباب الأسر و تتقاطع حول موضوعة الأطفال والتلفزيون وفقا للنسق الفكري والعقدي الذي ينطلق منه الوالدان. وتلعب ثقافة الأسرة والتحصيل العلمي للأبوين دورا حاسما في تحديد الفضائيات التي يسمح للأطفال في البيت بمتابعتها،على أننا لا نعدم أسرا تلقي بالحبل على الغارب فلا تأبه ولا يهمها ما يشاهده أطفالها على الشاشة، فالريموت بيد الطفل يجوب به السموات المفتوحة كما يحلو له، فيمتلئ ذهنه المستعد والمتحفز، أساساً، صوراً وأفكاراً من هنا وهناك، غثاً وسميناً دونما رقابة او إشراف من أحد.rnاختلاف الآراءكميلة إسماعيل، سيدة في منتصف العمر تبدو على ملامحها صرامة أم متحكمة، تحدد لأطفالها القنوات والبرامج التي يمكنهم مشاهدتها "لا أدع لهم أي خيار في ذلك، إنهم صغار ولا يعرفون ما ينفعهم أو يضرهم"، مضيفة أنها  تسمح لهم بـ "مشاهدة بعض البرامج على سبيس تون والمرسم الصغير على العراقية، لكنهم مؤخرا بدؤوا يميلون كثيرا إلى قناة طه حتى أضحت قناتهم المفضلة وهذا مفرح فـ(طه)مفيدة جدا" حسب رأيها. بينما يعتبر عدنان الكعبي، أب لطفلين أكبرهما في العاشرة، أن ذلك "خنق لحرية الأطفال" ويواصل حديثه " لا أفرض عليهما أي قناة ولا أعترض على ما يشاهدانه أبدا، لكنني ألمح أنهما شديدا الولع بـ (mbc3)" ويستذكر الكعبي طفولته بحزن "كان أبي يتعامل معي كما لو كنت دمية يسيّرني حيث يشاء ويفرض علي كل شيء، لا أريدهما أن يمرّا بالمأساة نفسها" هكذا يختتم قوله. المشاهدة والنمو البدنيوعن التأثيرات السلبية للمشاهدة الكثيرة للتلفاز على صحة الأطفال ونموهم يرى الدكتور فرحان الفرطوسي، وكانت عيادته في المساء مكتظة بالأطفال المرضى من مختلف الأعمار أن " نمو دماغ الطفل يتأثر تأثرا مباشرا بمشاهدة التلفاز". ويضيف بلغة احترافية ولهجة محذرة تنسجم مع طبيب في عقده الخامس أن "من جملة تلك الآثار السلبية: أولاً تخفيف حفز نصف الدماغ الأيسر المسؤول عن نظام اللغة والقراءة والتفكير التحليلي، ثانياً تقليل الأهلية الذهنية وقوة الانتباه عبر خفض مستوى التواصل بين نصفي الدماغ، وثالثا إعاقة نمو النظام الضابط للانتباه والتنظيم والدوافع السلوكية ". ويتابع الفرطوسي "وفي ما يتعلق بالنمو الجسدي فإن الأطفال الذين يشاهدون التلفاز ويتصفحون الانترنت أكثر من نظرائهم يميلون عادة إلى البدانة وقلة الحركة، ما يؤكد فرضية وجود علاقة عكسية بين زمن المشاهدة والنمو البدني المتوازن للطفل".البدين والعصبيوكشفت دراسة معمقة أجريت في مستشفى الأطفال والمركز الطبي الإقليمي في مدينة سياتل في الولايات المتحدة أن التلفاز قد يؤثر في نمو الدماغ عبر مستويات غير طبيعية من التحفيز، ما يعرضه لاضطراب في قدرته على التركيز وهو نمط دائم من التشتت الذهني وفرط النشاط الاندفاعي أو كليهما.أم أيمن تعيش في حي شعبي مكتظ في بغداد - زواجان فاشلان وخمسة أولاد - ترى أن "الشارع ممتلئ بكل من هب ودب، بعض الأشرار يجندون الأطفال في عصابات للسرقة والبعض الآخر يستميلهم بالمال والهدايا ثم يستخدمهم في عمليات إرهابية وما إلى ذلك"، ثم تتساءل "أيهما أفضل جلوسهم أمام التلفزيون لساعات من المشاهدة البريئة وتحت نظري أم خروجهم إلى الشارع المفتوح على كل الاحتمالات الخطرة؟" وتفضل أم أيمن، التي لا يفارق الكتاب يدها برغم أنها لم تكمل دراستها،أن يصاب الأولاد "بالبدانة والتشتت الذهني - كما يقول الأطباء - على أن ينتموا إلى إحدى العصابات في حيّنا أو الأحياء المجاورة"، تقول ذلك وهي تضحك ساخرة من هذا التصور ومن فوبيا الشارع المبالغة التي تعيشها.   rnالتقليد الأعمى للآخرينوتؤكد الباحثة نسرين الخزرجي - 40 عاما وأم لولدين وبنت- أن "الطفل المشاهد للتلفاز دون رقابة أو انتقائية يصبح اقل أحساسا بآلام الآخرين ومعاناتهم وأكثر رهبة وخشية من المجتمع المحيط به وأشد ميلا إلى ممارسة السلوك العدواني ويزيد استعداده لارتكاب التصرفات المؤذية".مشددة على أن مشاهدة الأطفال لبرامج

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram