هاشم العقابي إن سئلت عما أقصده بالإعلام الحر، فردي انه الإعلام المنحاز للشعب وليس للكرسي. اعلام يرى الحاكم مجرد خادم لتنفيذ الدستور وما تقره السلطة التشريعية والقضائية ويقبض مقابل خدماته مرتبات وميزات مجزية ما كان يحلم بها. وان قصر فما امامه غير ان يجلس جانبا ليفسح الطريق لمن يخدم الناس أفضل منه، بدءا من رفع الأزبال
من امام بيوتهم وشوارعهم الى حمايتهم من الإرهابيين وتوفير فرص العمل لأبنائهم، وإسعادهم بما يتناسب وميزانية بلدهم الاضخم والأفخم بتاريخ العراق وربما المنطقة أيضا. انه اعلام لا تجد فيه طالبا لسلطة او منصب. او طامعا "يزرزر" بعينيه على الاموال العامة ولديه جيوب لا تنترس بالمال المسروق وشقق وفلل تفوح منها نتانة الزنا "المحلل" شرعا.فان تحول الحاكم من "كبير الخدم" في دولة المواطنة الى مستبد في دولة العبيد والأسياد، عندها تنكشف معادن الاعلام والإعلاميين. اما احرار او عبيد. احرار يصيحون بوجه السلطان: لا،"بوجه السلطة اصيحن لاترسوني حزن ودموع..رسموني على هدوم النثاية ذنوبجم دوب الصبر جم دوب؟"،او عبيد يصفقون لحاكم نسي نفسه فأنساهم انفسهم، فصاروا ينشدون معه "ما ننطيها"، أي "مجلبين" بها بأيدينا وأسناننا ومن دونها الموت الزؤام. مع الحاكم "المجلَِب" حتى لو ظل اطفال الفقراء يسترزقون اللقمة من المزابل ويشحذونها عند تقاطع الطرقات وامهاتهم يجبن "المساطر" من طلوع الشمس لمغيبها مثل آبائهم. هذا ان ابقى لهم الارهابيون أبا او أما او بيتا يأوون اليه.الاعلام الحر لا يمثل احزاب المعارضة السياسية لان دوره هو توعية الناس بكيفية اختيار الافضل لحكمه لا بتحديد من هو الافضل. فأحزاب المعارضة، مثل حزب السلطة، تسعى للحكم. وهذه "علّة" وجود اي حزب سياسي. وهي علّة "حميدة" مهما كبرت او تورمت ما دامت تكبر وتتورم سلميا وعن طريق الانتخابات النزيهة. هذا الحق المشروع والمكفول بظل الانظمة الديمقراطية لا يمكن للاعلامي الحر ان يقف بوجهه، ما دام بطور النوايا وليس التنفيذ. فان ثبت بعد الانتخابات ان "علة" سعي المعارضة للسلطة قد تحولت الى فايروس "خبيث"، فسيناهضها لحماية الناس من شرها. ان أي حزب او كتلة تضع السلطة هدفا، وليس وسيلة لتنفيذ برنامجها ستتنصل سريعا عن عهودها وتتحول الى مصانع لتفريخ الظلم والاستبداد. وهذا "الفايروس" هو الذي حول حزب الدعوة، ذا التاريخ النضالي الطويل الزاهد بالسلطة الدنيوية، الى ساع مستقتل نحو "ولاية الكرسي" الثالثة بطريقة تفوق جهد الساعين حتى لتحقيق "ولاية الفقيه". وهذا، برأيي، هو واحد من اهم اسباب الانفلات الامني وتردي الخدمات وتفشي الفساد وانتعاش بؤر اللصوصية والجهل التي أرجعت العراق الى حالات من البؤس كنا قد عشناها بزمن صدام، ان لم تكن قد اصبحت أسوأ مما هي عليه بزمنه.من هنا لا يكون الاعلامي صادقا مع نفسه اولا، والشعب ثانيا، ان ترك السلطة التنفيذية تعبث بمصائر العباد والبلاد ووضع اللوم على اكتاف احزاب أو افراد ليسوا في موقع المسؤولية التنفيذية. ان من يريد لنا ان نترك المسؤول الرئيس عما يحل بالعراق من خراب ودمار وفساد وننشغل بمعارضة من يعارض المالكي، لا يريدنا ان نصبح عبيدا للسلطة، حسب، بل ويجعلنا مضحكة للآخرين.
سلاما ياعراق : قبل النزول على الطين الحري
نشر في: 17 أغسطس, 2012: 08:05 م