هاشم العقابيقبل أن أجيب عن هذا السؤال، أذكر السائلين والقراء معا، من باب "فذكر إن نفعت الذكرى" انه جاء بعد أن دعا البارزاني مع قادة آخرين إلى سحب الثقة عن المالكي. فقبل ذلك كان السؤال الدائم: لماذا المالكي وليس ملك البحرين أو ملك السعودية أو أمير قطر وأحيانا أمير الكويت أيضا؟
كان جوابي الدائم أني كاتب عراقي أضع الهم العراقي أمام عيني أولا قبل أن التفت إلى أي هم آخر.أذكر أن صحفية بريطانية أجرت لقاء مع مجموعة من المثقفين العرب في أيام مذبحة قرية قانا التي أقدمت على فعلها إسرائيل في العام 1996. سألتني عن توضيح مقدار حزني في تلك اللحظة. أجبتها أنني لا اعرف كيف أوزع أحزاني. وحزني على العراق لم يترك لي خلية واحدة للتفكير بألم الغير رغم بشاعة تلك المذبحة. لماذا؟ لان ما يفعله صدام ونظامه بالعراقيين كل يوم ليس كسرا بالعظم بل بالقلب. وصاحب القلب المكسور قد لا يؤلمه كسر بالساعد. وقانا لها من يشارك أهلها البكاء أما نحن، فوحدنا نموت ووحدنا نبكي.وبعد أن سقط صدام اعتدت على أن أبدأ يومي بالمرور أولا على موقع "تعداد قتلى العراق" لأرى حصيلة قتلانا يوما بيوم. ثم انتقل إلى صحف الدول التي تقارب مواردها موارد نفطنا أو اقل منه كدول الخليج وخاصة دولة الإمارات لأتعرف على حال الإنسان فيها. بعدها انتقل لمطالعة أخبار إقليم كردستان في جانبي الأمن والعمران بشكل خاص. فاليوم مثلا قرأت أن قتلانا من المدنيين (المسجلين فقط) قد بلغ 565 قتيلا في شهر رمضان وحده. وحين أعرف أن مهمة السلطة التنفيذية الأولى هي حماية أرواح المواطنين، فلمن أوجه اللوم؟ هل اترك وزير داخليتنا، الذي هو رئيس وزرائنا وقائد قواتنا المسلحة وأجهزة أمننا ومخابراتنا و .. و ..، وألوم البارزاني أو المكتوم؟مرة كتبت عن تقرير حول مأساة طالبات الأقسام الداخلية في مدينة النجف الأشرف وكيف أن مسؤول القسم يصفهن بالساقطات. سألني "احدهم" ولماذا لا تلوم البارزاني؟"! ولك ابن الحلال فهّمني: هل النجف تابعة للإقليم؟ وهل البارزاني من أقطاب المرجعية والحوزة كي ألومه لأنه لم يصدر فتوى بحماية بناتنا؟ وقبلها حملت الجهاز الأمني، الذي على رأسه المالكي، مسؤولية عدم حماية زوار الإمام موسى الكاظم، فسألوني: لماذا لم تلم البارزاني؟! يسألون وهم يعلمون علم اليقين بأن مرقد الإمام ببغداد وليس بأربيل. يسألوننا وكأننا متهمون ونحن لم نمدح البارزاني أو الكرد، سوى أننا نتمنى لهم زيادة النعم العمرانية والأمنية التي هم فيها ونشد على يد من وفرها لهم. ونظل نطرق على رأس من حرم باقي مدن العراق منها.كان المالكي من أول مداحي الكرد وكان يقول فيهم ما لم يقله احد منا، فلم لم نسمع من قال له انك "تقبض" منهم وانك عميل من عملائهم؟ فعلى موقعه الخاص سئل المالكي في أيام نهاية ولايته الأولى: "هل لدى سيادتكم الكريم، نية لتشكيل ائتلاف مع قائمة التحالف الكردستاني بعد الانتخابات؟"، فأجاب: "نعم وهو أمر ضروري لتشكيل الغالبية التي تقتضيها عملية تشكيل الحكومة ولأن كتلة الأخوة الكرد أساسية في بناء الدولة ولا غنى عنها ولوجود علاقات طيبة وتاريخية تحتاج إليها العملية السياسية والوحدة الوطنية وحمايتها".إذن نحن نسألهم هذه المرة: لماذا البارزاني وليس المالكي؟
سلاما ياعراق : لماذا المالكي وليس البارزاني؟
نشر في: 24 أغسطس, 2012: 06:42 م