عامر القيسي اكتظت مدن كردستان بأكثر من ربع مليون سائح من مختلف بقاع العراق الاخرى، وقال تقرير صحفي، ان أربيل تتحدث العربي، في اشارة الى التواجد العربي الكثيف في المدينة ايام عطلة العيد الطويلة. المفاجأة بالنسبة لي هي اتصال جاري العزيز القديم ابو محمد والذي التقيته بعد مرور يومين من وصوله الى اربيل قادما من بغداد، وابو محمد رجل بلغ من العمر 66 عاما ولم يزر في حياته بلدا أو مدينة غير كربلاء والنجف، وكلما سألته عن السبب كان يقول ساخطا "هو صدام خلانه نشوف دربنه..
الله ينتقم منه ". قال لي فور لقائي به وهو المولع بالسياسة دون ان يكون حزبيا مع اي جهة " عمي تره حجي الجماعة عدنه كله كذب في كذب الله وكيلك " وعندما استفسرت منه عن اي كذب يتحدث فهو متعدد الاشكال والانواع، قال "استاذ الحجي على الشمال مو صحيح.. شوف عمي أربيل وين واحنه وين بدون حسد " واستطرد ساخطا " اشبيهم الجماعة ببغداد لامول لافنادق لاشارع مال اوادم لاماي لاكهرباء.. الجماعة ملتهين باللفط" صمت واضاف بعد ان قلب مسبحته يمينا ويسارا "ليش ماكو هنا فساد مالي ولفط.. بس الجماعه يبنون ويتطورون خو ما مثل جماعتنا" واضاف مندهشا " عمي حتى عربي يحجون أحسن مني ".الحقيقة التي تتلمسها ان الصوت الكردي غائب أو مغيب بسبب الاعلام المشوه والمضلل" بضم الميم" وبسبب القصور في ايصال هذا الصوت الى مكونات الشعب الاخرى وتحديدا المكون العربي، فهناك اعتقاد سائد الى حد كبير ان المدن الكردية مغلقة على نفسها وان القادمين اليها من بقية انحاء الوطن يجدون انفسهم مثل "الطرشان في الزفة " وانها مدن غريبة عنهم.رويت لصاحبي مفارقة عشتها، فقد قررت ان اتحدث باللغة الكردية وحاولت ذلك مع صاحب الاسواق القريب من بيتي وهو رجل اربعيني العمر يرتدي باستمرار الزي الوطني الشعبي الكردي، فكنت اقول له على سبيل المثال " بياني باش كاكه " فيجيبني " صباح الخير اغاتي " بلكنته الكردية، وعندما طلبت منه ان يحدثني باللغة الكردية، أجابني مصرا " اريد اتعلم عربي كاكه"! والحقيقة انك تجد الغالبية العظمى في المدن الكردستانية تتحدث العربية من سائق سيارة الاجرة الى عمال الفنادق مرورا بالمثقفين والصحفيين، وهناك مشروع لتعليم اللغة العربية في المناهج الدراسية الكردية، وهو مشروع وصل الى نهاياته للمباشرة في تطبيقه ربما هذا العام بحسب مصادر خاصة من وزارة التربية في الاقليم. مع بعض الاستثناءات التي يبني عليها الاعلام المضاد للتجربة الكردية خطابه، مثل الدخول الى أربيل واشتراطات الاقامة، والتي شخصيا أرى ضرورة التخفيف منها ان لم يكن الغاؤها لاعتبارات أمنية،فان الجو العام في كردستان ليس كما يصوره هذا الاعلام أو القوى التي تعتاش على خلق الأزمات وبث الفرقة بين مكونات الشعب العراقي، والمطلوب من الساسة الكرد ومنظمات المجتمع المدني والاعلام العمل على تجسير العلاقات بصورة أفضل من خلال برامج وخطط مدروسة يعمل عليها فاعلون في المجتمع الكردي بمختلف فعالياته، لايصال الحقائق الى الطرف الآخر منعا لتضليله وتشويه المواقف السياسية للاقليم والتطورات الجارية فيه، وهي تشويهات شملت مختلف جوانب الحياة الكردية وبرسائل خبيثة تفرق ولا تجمع، بل انها تعمل في وسط المشتركات الشعبية لخلق حالة جديدة من الفهم الخاطئ المتبادل لشعبين عاشا تأريخا طويلا من المشتركات التي ينبغي البناء عليها لتفاهمات مستقبلية حتى بوجود كيانات مستقلة لكنها بحكم الجغرافيا ستبقى متجاورة الى الأبد.
كتابة على الحيطان:الصوت الكردي..
نشر في: 24 أغسطس, 2012: 09:44 م