ياسين طه حافظ قرأت للنائبة المحترمة صفية السهيل، في الصحافة، وللمرة الثانية أو الثالثة، بأن تنال المرأة مكانتها التي تستحق.. هذا كلام جيد وهو كلام أيّ مثقف أو متحضّر.التصريح الأخير، قرأته في "الصباح" ، كان أكثر وضوحاً، فقد أشارت علناً للرئاسات الثلاث ونوّهت تنويهاً بالحقوق الأخرى.
صحيح أن التصريحات لا تُعتْمد في الردّ أو في النقاش، لأنها غالباً ما تكون مجتزءة، وبعض فقرات الكلام لا تكون في السياق الذي وردت فيه. لكن مع تقديري لذلك، لبّ المسألة واضح ويمكن أن نتحدث في دلالته أو دلالاته. ولأني رجل اكتب مقالاً ثقافياً، أُريد يظل حديثي في ثقافة المرأة وفي التثقيف بحقوقها. فهاتان النقطتان مثلما هما ضروريتان لنيل الحقوق، هما، في ترديهما الحالي، وراء ضياع حقوق المرأة. ولذلك يصبح تصريح، أو مطالبة السيدة السهيل محصورَ القصد في الدائرة الضيقة من النواب ونشره في صحيفة قد يعني نساءً في وسطٍ امتلك شيئاً من الثقافة الحديثة في حقوق المرأة وفي الحركة النسوية في العالم. ذلك لأنه ليس نداءً باسم منظمة مهمة ولا هو بيان متكامل من جمعية أو رابطة.أعود إلى المسألة الأساس في التصريح، أو المطالبة، فأقول: نحن، محترفي الكتابة، نعرف المقصود بالتصريح ونفرزه عن الزخرف حوله. لذلك أقول: أن المطالب العامة كلها مشروعة.، بل هي طبيعية ولا تحتاج الى مطالبة أو تصريح لو كنا نعيش في بلد امتلك ثقافة بحقوق الإنسان، ونالت هذه الحقوق فرصة للتطبيق. أما المطلب الرئيس، وهو بيت القصيد، الرئاسات الثلاث، فهذا مطلب يقع أساساً ضمن الحقوق العامة للإنسان، رجلاً أو امرأة. إبعاد المرأة، استوجب تأكيداً والسيدة السهيل وأخريات، جديرات بواحدة من تلك الثلاث. فهي، ليست، ولسن، بأي حال أقل من زملائهن. كلامي هذا يعني أنا لست أبداً ضد أن يكون للمرأة هذا الحق، فهي قانوناً وكفاءة، جديرة به. والسيدة السهيل في موقعها البرلماني يمكن أن ترتقي بضع سُلَّمات من سلم المحاصصة وتنال إحدى الرئاسات الثلاث، ولِمَ لا؟لكن ما دمنا مثقفين، فعلينا ألاّ ننسى أن اللبرالية، التي ندّعي أننا ضمنها، تلتزم بتكافؤ الفرص وتكافؤ الفرص يشمل كل الحقوق والمواقع الإدارية، لا الرئاسات الثلاث وحدها، ولا السهيل وحدها أو بضعة الأسماء النسوية حولها.يبدو أني تعجّلت في هذا التمهيد. فثمة ما هو أهم لأبدأ به. لكن كان لذلك مسوّغهُ أيضاً. مع ذلك ، أقول: قبل الرئاسات الثلاث وقبل البرلمان وقبل المناصب الوزارية وقبل دورها الهلامي في المصالحة الوطنية، تمنيت أن يكون للسيدة السهيل، ولأي سواها في البرلمان وفي غيره، أن يكون لها دور نضالي ثوري حقيقي في حماية المرأة من "الجزْر" الذي تنشر أخباره الصحف، وفي إيقاف العنف الأسري وما تتعرض له النساء من وحشية مفزعة. هل زارت السيدة السهيل محكمة شرعية لترى ولتسمع ما تتعرض له النساء؟ لترى الكدمات على أوجه المعتدى عليهن وخوفهن من مهاجَمَة وضرب وهن في الطريق الى المحكمة، وهن في داخلها؟ هل رأت إعداد النساء المتسوّلات ومحنة الأرامل في إعالة أطفالهن، أو في أمراضهن وحجم البؤس؟ وهل علمت، عفوا هي سيدة محترمة وتعلم جيداً، بحَرْف الحقوق البسيطة التي تحققت للمرأة؟ تمنيت أن تقود السيدة السهيل مسيرة نضالية نسوية لكسر العتوّ الذكوري والواقع المهين الذي يمسخ المرأة اليوم ويهدد الجيل القادم من النساء! تمنيت لها، وهي صاحبة صالون ثقافي، أن يكون لها برنامج تثقيفي بحقوق المرأة، وكشف واقعها المدان والمؤسف وأن تكون داعيةً متحمسة أولى لحملة تثقيف بين النساء كما بين الرجال. وان يكون لسيدتنا المحترمة اسم في تظاهرات واحتجاجات نسوية ضد استغلال المرأة فكراً وجسداً وطاقة عملية...نحن نعمل ثقافة يا سيدتي، فلتكن ثقافة تصنع وطناً لا تصنع رئاسات! وإذا كانت بعض الدول التعيسة تتباهى بوجود وزير امرأة في حكومتها ووجود عدد من النائبات وبعض بدرجة مدير عام، وكأن في ذلك مكسبا حضاريا عظيما، فأنا أقول إن مظاهر مثل هذه لم تعد مفاخر لأنها طبيعية وخلافها خطأ وتخلّف!إن القيادات النسوية مطالبات بتجاوز التنظير والاستعراضات الصحفية، فلا معنى للـ "يجب" و الـ "ينبغي" و للـ "نتمنى أن" ... الخ. البؤس اللغوي. مطالبات أن يتجاوزن هذا إلى رفع لافتات الاحتجاج والمطالبة بالحقوق وبالحماية، الحماية الحقيقية التي لا تُختَرق من خارج على القانون أو من متنفّذ متستّر أو ولي أمر أو قريب جاهل ... الديمقراطية ليست كلاماً، وما عادت نواباً ونائبات من اتجاهات، أو من انتماءات مختلفة. إن الديمقراطية أكبر من أن تكون رخصة للاحتفاء بالاختلاف. هي نظام سياسي من الثقة المتبادلة ومن الالتزامات الأخلاقية المشتركة والتزام بحرية الشعب.وحرية المرأة أساس حقيقي ومقياس حقيقي لحرية عموم الشعب.قضية المرأة في عراق اليوم أكبر من أن تكون حاجة إلى نائبات وإلى إحدى الرئاسات الثلاث ولا حتى إلى رئاسة جمهورية. الحاجة الحقيقية حاجة نضالية ميدانية. وثقافية - تثقيفية للإقرار بالحقوق الطبيعية ونشر السلوك الطبيعي معهن في المجالات كلها، الشخصية والعامة. أن يتعلم الجميع النظر باحترام إلى مستَحَقاتها في الحياة. حملة تثقيف واسع
في القضية النسوية..رئاسة مُشَرّفةٌ رابعة
نشر في: 25 أغسطس, 2012: 06:58 م