علي حسين إذا صحت الفتوى المنسوبة للقائد الأمني الكبير فترقبوا كوارث ومهازل لا يعلمها إلا الله، تقول فتوى مولانا المسؤول الأمني إن المرأة السافرة لا يحق لها أن تدخل أسواق مدينة الكاظمية العامة، وليس الصحن الكاظمي الشريف كما كان متعارفا عليه من قبل .الفتوى التي سارع البعض إلى نشرها في المدينة ، وعلق اللافتات ترحيبا بها، جاءت وحسب التقرير الصحفي الذي تنشره المدى في عددها لهذا اليوم بشائرها بعد ان :
"أعلنت محافظة بغداد بمنع النساء السافرات من دخول عموم مدينة الكاظمية جاء ذلك بناء على أوامر أصدرها مسؤول امني كبير، وطالب المسؤول الأمني باستحداث شرطة للآداب العامة لمتابعة ما اسماها "الظواهر السلبية"، فيما الرواية التي رواها لي احد أصحاب المحال في الكاظمية تقول إن المسؤول الأمني وأثناء تجواله في المدينة لم يعجبه منظر إحدى النساء السافرات فالتفت إلى مرافقيه قائلا: "امنعوا هذه الشكول من دخول المدينة". تخيلوا رجل امن يطلق فتوى، وتسارع القوات الأمنية فورا بتطبيقها، لماذا نتخيل والفتوى أصبحت واقعا معاشا على الأرض.وهكذا أصبح مطلوبا من كل سيطرة تقع على مداخل مدينة الكاظمية أن تسأل النسوة: هل أنت تحملين معك عباءة أم لا ؟ فإذا كانت الإجابة بكلا ، فلن يمكنها دخول أسواق المدينة. تطبيق فتوى الجنرال الأمني يعنى أن لا تدخل امرأة مسيحية او سافرة "كافرة" الى احد ازقة وأسواق الكاظمية، وربما يتفتق ذهن ضابط الأمن الشجاع ومن معه إلى وضع حواجز كونكريتية يتم فيها العزل بين المؤمنين والكفرة في كل مناحي الحياة العامة، وربما نجد يوما وزير النقل يخصص وسائط نقل للمحجبات فقط، فيما وزارة التعليم العالي تعمم شعار "حجاب يصون أو تنهشك العيون" والذي تفردت فيه كلية التربية بجامعة بابل، ولم يصدر حتى هذه اللحظة بيان من وزارة التعليم العالي يستهجن مثل هذه التصرفات، وربما تسعى وزيرة المراة بما عرف عنها من كره لفكرة الاختلاط بين الجنسين في دوائر الدولة ، فتصدر لنا فرمانا يتم فيه العزل بين الطائفتين "المتحجبة والسافرة" في كل مناحي الحياة ، وليس في محيط مدينة الكاظمية طالما أن جنرالنا الأمني أفتى بذلك.وقبل أن يقول البعض لماذا تهولون الأمور وتنفخون في هذه الأمور الصغيرة، أقول ربما كنت سأتقبل الأمر وأناقشه بهدوء لو ان صاحب هذه الفتوى آية الله السيد حسين الصدر الرجل المعروف بشدة تسامحه، واحترامه للراي الاخر، وفهمه لطبيعة ونسيج المجتمع العراقي، لا ان تاتي الفتاوى على مزاج مسؤول حكومي .والغريب ان في الوقت الذي يدخل قادة الأمن مجال الفتاوى، تتعرض البلاد إلى هجمات إرهابية.. رافقها عجز امني واضح، وفشل حكومي في معالجة ابسط مناحي الحياة،، وسط كل هذا تستنفر الجهات الامنية قواتها لتصول صولة رجل واحد على سافرات بغداد، ولندع السياسة جانبا وتعالوا نتحدث في القانون ونسأل: هل المعركة الآن في العراق بين السافرات والمحجبات، ام بين الدولة بمؤسساتها وعصابات الارهاب ومافيا سرقة اموال الشعب وجيش الفساد المنتشر في كل مفاصل الحكومة. يمكن أن نقول إنها معركة بين التقدم والتخلف، بين الديمقراطية والاستبداد، بين العدالة والظلم، بين الفساد والشفافية، بين الحرية وانتهاك حقوق المواطنين،، لكنها ليست معركة بين المؤمنين والكفار ، أو بين سافرة ومحجبة ، إذا سمحنا لرجل الأمن أو لغيره بمثل هذه التصرفات والفتاوى، فإنهم وبعد أن ينتهوا من قضية السفور، فسوف يلتفتون الى كل مواطن يحاول الحديث عن الديمقراطية والحرية والتنوير، ومحاسبة المسؤول ومراقبة أداء الجهاز الحكومي. على الحكومة أن تدرك جيدا أن الديمقراطية هي الحل، وهي التي تمنح الحاكم والمواطن الأمن والطمأنينة، فتجعل الأول ينام قرير العين، والثاني مطمئنا على مستقبل أبنائه وحمايتهم من الخوف من مفارز شرطة الآداب، ومن ظنون الحكومة التي لا تزال تصر على أن لبس الحجاب ومنع الاختلاط وتحريم الفرح والموسيقى والغناء ، اهم من القضاء على البطالة ومعالجة مشكلة الكهرباء ورعاية الأرامل والأيتام. للاسف عندما تفشل الأحزاب السياسية في صياغة مشروع وطني لدولة حديثة في العراق، فإنها لم تجد سوى خوض المعركة السهلة التي تتعلق بالفضيلة والحشمة. الناس انتظرت من هذه الأحزاب بعد نجاحها في الانتخابات أن تفعل شيئا او تقدم بشارات خير يمكن من خلالها أن تبني مؤسسات الدولة، إلا أننا فوجئنا أنهم لا يفعلون شيئا، ويسيرون على خطى "القائد المؤمن"، ويتحالفون حتى مع الشياطين من اجل اقتسام منافع ومغانم السلطة ، وتحويل البلاد إلى دكاكين ينشرون فيها التخلف والاستبداد.
العمود الثامن:فتوى مولانا القائد ألامني
نشر في: 26 أغسطس, 2012: 10:02 م