اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > مسرحية "مطر صيف" و إشكالية توظيف الرمز في العرض المسرحي

مسرحية "مطر صيف" و إشكالية توظيف الرمز في العرض المسرحي

نشر في: 27 أغسطس, 2012: 06:31 م

صميم حسب الله على الرغم من فاعلية الرمز داخل فضاء العرض إلا أن بعض الرموز دفعت عجلة التأويل إلى قراءات أبحرت بعيداً عن سفن الرؤية الإخراجية ، كما هو الحال في (المانيكان النسائي) الذي ظل شاخصاً على خشبة المسرح من دون ان يمتلك فاعلية الحضور الذي أراده مخرج العرض ،
ذلك ان وجوده كان علامة شاخصة على أن (الزوجة) هي الأخرى باتت كائناً مستنسخاً ، وهذه الفرضية تحيل العرض إلى العدم ، فإذا كان (الرجال / الأزواج) ، مستنسخون ولا وجود للرجال الذين يمتلكون القدرة على النهوض بالبلاد والعباد ، وإذا كانت (الزوجة / المانيكان) هي الأخرى ليست حقيقية بحسب علامات العرض ؛ فذلك يعني انها لا تمثل (المرأة / الوطن) ، وبذلك يكون المخرج قد دفع بالرموز التي اشتغل عليها ضمن منظومة بصرية واضحة المعالم إلى التقاطع في ما بينها .وفي قطيعة دلالية أخرى يكشف المخرج عن وجود عدد كبير من الوسائد موزعة على خشبة المسرح حاملة معها دلالة مباشرة يمكن من خلالها إثارة التساؤل الدلالي المتمثل بضرورة وجود هذا العدد من الوسائد في بيت ليس فيه (زوج)! وبما أن المخرج قد أدخلنا في منظومة الرمز فإن التأويل سيكون حاضراً في قراءة تلك الرموز ، والقراءة التأويلية لهذا الشكل البصري بما يحمل من جماليات المشهد المسرحي تختلف كلياً عن طروحات نص العرض ، ذلك أن تعدد الوسائد يشير إلى تعدد الرجال الذين دخلوا المنزل من دون ان يكون (الزوج ) حاضراً ويدفع بـ (الزوجة) إلى حاضنة الخيانة بعد ان صورها المؤلف ابتداءً والمخرج تالياً لكي تكون رمزاً للوطن ، وربما يكون المخرج قد اشتغل على تفعيل هذه الفرضية لكي تكون منسجمة مع سكون الشارع العراقي وعدم فاعليته تجاه القضايا المصيرية التي تعصف به بين الحين والآخر وهو بذلك يكون قد تقاطع مع التأسيس الابتدائي للعرض المسرحي ، وبذلك سيكون متقاطعاً مع الفضاء البصري الذي جعله متشحاً بالسواد على العكس من وسائد النوم والراحة التي حملت معها اللون الابيض ، وتلك متاهة اخرى من الافتراضات التي لم نجد جواباً واضحاً لها في منظومة العرض المسرحي.  النص الدرامي وفاعلية الأداء التمثيليإن ما يميز النص المحلي عن غيره من النصوص المسرحية العالمية أو العربية هو امتلاكه شحنات عاطفية عالية تمنح الممثل القدرة على التعاطي معها من اجل إثارة المتلقي ، كما هو الحال في نصوص الكاتب (فلاح شاكر) المسرحية ، والتي يمكن أن يندرج نص مسرحية (مطر صيف ) في المنطقة ذاتها التي اشتغل عليها (شاكر) وهذا بالتأكيد حق مشروع للمؤلف (علي عبد النبي الزيدي) ذلك أنه يدرك على نحو واضح فاعلية اللغة عند الممثل العراقي من جهة والمتلقي من جهة أخرى ، وهو الأمر الذي أفاد منه الممثل (فاضل عباس) الذي كشف عن قدرته الأدائية التي كانت مهاجرة لسنوات طويلة كما هو حال أغلب الممثلين العراقيين ومنهم الفنانة (هناء محمد) التي تشارك في  العرض.وقد بدا الانسجام واضحاً بينهما ويعود ذلك على نحو أساس إلى إنهما يعرفان معنى ان تكون بعيداً عن مكانك الحقيقي ، ويدركان جيداً المعنى الآخر والأكثر ألماً والمتمثل بوجود من يتحكم بمصير الوطن والإنسان من دون أن يمتلك القدرة على الارتقاء بهما.تلك العوامل كلها كانت حاضرة في الأداء التمثيلي للفنانة (هناء محمد) والفنان (فاضل عباس ) وعلى الرغم من وجودهما على خشبة المسرح الوطني الواسعة إلا أنهما عملا جاهدين على استنفار الطاقات الأدائية الصوتية منها والحركية من اجل التعاطي مع فرضيات الرؤية الإخراجية ، إلا أن المتن السردي الذي لم يعمل كل من المؤلف والمخرج على تكثيفه دفع الممثلة (هناء محمد) إلى فقدان الحس الأدائي ، حتى أن طاقتها بدأت تخونها في النصف الثاني من العرض ، من جهة أخرى فإن الفنان (فاضل عباس) بما يمتلك من قدرات صوتية عالية ومرونة جسدية تستحق الانتباه إلا أنه لم يكن موفقاً في تقصي أبعاد الشخصيات المستنسخة ، وربما يكون القصد من وراء ذلك هو إدخال المتلقي في لعبة (الوهم / الحقيقة) ، إلا أن المتلقي استمر في البحث عن السبب الذي دفع المخرج إلى أن يقوم ممثل واحد بأداء أكثر من شخصية رغم أن وجود أكثر من شخصية يمكن له أن يكون فاعلاً في الأداء التمثيلي على نحو أفضل ، وإذا كان الأمر يتعلق بالوهم فإن الأزياء المسرحية كان من الممكن ان تكون حاضرة على نحو واضح.   مسرحية (مطر صيف) لم تختر أن تبلل أوجاعنا بقدر ما اختارت ان تتنبأ بمستقبل السياسة العراقية التي لم تزل هجينة على المتلقي .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

طقس العراق.. أجواء صحوة وانخفاض في درجات الحرارة

أسعار صرف الدولار تستقر في بغداد

تنفيذ أوامر قبض بحق موظفين في كهرباء واسط لاختلاسهما مبالغ مالية

إطلاق تطبيق إلكتروني لمتقاعدي العراق

"في 24 ساعة".. حملة كامالا هاريس تجمع 81 مليون دولار

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram