عدنان حسين لم يجانب رئيس الوزراء الصواب ولم يجافِ الحقيقة عندما قال أول من أمس إن "المنطق الذي تدار به الدولة حالياً هو منطق أعوج"، فهذا ما نقوله ونكرر قوله مئة مرة في اليوم من دون أن نتلقى أي إشارة بقبول هذا الرأي من القيّمين على الدولة، وبينهم رئيس الوزراء نفسه وحاشيته إلى جانب الآخرين وهم رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وقادة الكتل والائتلافات والأحزاب المستحوذة على السلطة بالحق وبالباطل.
لم يشأ السيد المالكي الذي كان يتحدث في لقاء مع وفد عشائري أن يُفصّل في معنى ما قال، ربما تفادياً لإعلان شراكته في هذا الأمر والإقرار بأنه وحاشيته مسؤولان أيضا عن سيادة المنطق الأعوج في إدارة الدولة. هذا المنطق الذي يستند إلى دستور ناقص ومتناقض من داخله والى ترتيبات المحاصصة التي تجاوزها التاريخ وتتجاوز هي على أصول بناء الدولة الحديثة القائم على الهوية الوطنية، ويستند (المنطق الأعوج) أيضاً إلى نظرية هي نوع من الترهات والسفاسف تقول بأن الحكم في العراق أصبح من الآن (منذ عشر سنوات) فصاعداً للأغلبية الطائفية المذهبية.والسيد المالكي ليس في وسعه أن يتعمق في المعنى الحقيقي لما قال (المنطق الأعوج الذي تُدار به الدولة) لأنه سيتعين عليه أن يعترف بأنه وحاشيته وحكومته، كما سائر القيادات السياسية المتنفذة في هذه الدولة، يتحملون المسؤولية عن هذا الاعوجاج (هؤلاء جميعاً يرفعون عقيرتهم بالشكوى من نظام المحاصصة ومن الطائفية السياسية لكنهم لا يفعلون شيئاً للخروج من هذا النفق المظلم، بل هم يتشبثون بهما عن سابق ترصد وإصرار).من المضحك المبكي أنه بينما كان رئيس الوزراء يتذمر أمام الوفد العشائري من المنطق الأعوج الذي تدار به الدولة كان نص كتاب الاستقالة الذي رفعه إليه وزير الاتصالات محمد توفيق علاوي قبل شهر ينتشر عبر وسائل الإعلام التقليدي والإعلام الجديد، وهو وثيقة في غاية الأهمية تؤكد ما تحدث به رئيس الوزراء عن المنطق الأعوج الذي تُدار به دولتنا، بما فيها الحكومة ووزاراتها. الوزير علاوي أفاد في الكتاب بان رئيس الوزراء يمارس بنفسه الضغوط على الوزراء لتقرير ماذا يفعلون وماذا لا يفعلون، وبخاصة من ترسو عليه التعاقدات ومن يتعين أن يُستبعد عنها، وخلف ذلك أسباب سياسية وشخصية. وكتاب الاستقالة يكشف أيضاً عن أن السيد المالكي مصرّ على نحو عجيب على الاعتماد على فلول النظام السابق وذوي السوابق والفاسدين ليس فقط في الأجهزة الأمنية وإنما أيضا في الوزارات "الدسمة"، وإبعاد الكوادر الوطنية النزيهة عن مواقعها المناسبة. مؤكد تماماً أن المنطق الذي تُدار به دولتنا منذ 2003 حتى الآن هو منطق أعوج، لا يفرق كثيراً في الجوهر عن منطق إدارتها قبل ذلك التاريخ. وبهذا المنطق يجلس المتنفذون في السلطة الآن على كراسيهم في الحكومة والبرلمان وسواهما من هيئات الدولة، فبأي منطق يتذمر السيد المالكي من هذا المنطق (الأعوج)؟
شناشيل:منطق المالكي
نشر في: 28 أغسطس, 2012: 10:09 م