TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > صمت النساء

صمت النساء

نشر في: 29 أغسطس, 2012: 06:54 م

دينا سعد محمودكثيرة هي الجهات والمنظمات والشخصيات التي تتحدث عن حقوق ومشاكل النساء في العراق، وهناك جزء مخلص وصادق من هذه الكثرة كما أن هناك جزءا مرتزقا ومدعيا ومسيسا أيضا، لكن في مقابل هذه الكثرة وما يصاحبها من اهتمام إعلامي وتركيز من منظمات دولية مهمة، نجد أن النساء العراقيات العاديات نادرا ما يبدين اهتماما بما يثار حول حقوقهن ومشاكلهن، وكثيرا ما يتجاهلن الحديث الذي يدور في البلاد منذ سنوات حول حقوق المرأة،
كما أن العراقيات لم يعبّرن عن توجه نسوي محدد وواضح المعالم في العمليات الانتخابية المتلاحقة منذ 2003، ويبدو أن هذا الموقف السلبي الذي تتخذه المرأة العراقية من قضايا قد أغرى الساسة والزعماء ودفع بهم إلى مزيد من التجاهل لحقوق النساء، بل وحتى السخرية من مطالبهن والمراوغة في التعبير عن وجودهن عبر دفع المقربات من الزعماء في القوائم الانتخابية لشغل المقاعد المخصصة للنساء في مجلس النواب أو حتى في تجاهل حقوقهن في المواقع السياسية المتقدمة رغم أن شغل المرأة هذه المواقع لايعني بالضرورة أن حقوق النساء في البلاد محترمة، والغريب أننا نكاد اليوم نقترب من مستوى تمثيل المرأة في المؤسسة السياسية لما كان عليه الوضع قبل عام 2003، وإذا كانت المرأة لم تتسنم إلا موقع رئاسة الاتحاد العام لنساء العراق في زمن النظام الدكتاتوري فإنها اليوم لا تشغل إلا موقع وزيرة الدولة لشؤون المرأة في النظام الديمقراطي وهي وزارة "نصف دسم" لا تكاد تختلف كثيرا من حيث الصلاحيات عن رئاسة الاتحاد العام لنساء العراق ولا تتفوق الوزارة على الاتحاد إلا بقبول رجل هو السيد هوشيار زيباري بإدارة الوزارة وكالة لبعض الوقت قبل الاتفاق على الوزيرة الحالية.النساء العراقيات صامتات بينما يدور أحيانا نقاش ساخن حول وضعهن ومشاكلهن وحقوقهن في البلاد، وهذا الصمت له أكثر من دافع ،وفي المقدمة تقف الأزمات الخدمية والأمنية والاقتصادية التي شغلت المرأة بشؤون بيتها وزوجها وأولادها على حساب الاهتمام بشؤونها، حيث تواجه العراقية يوميا قائمة من المشاكل الصغيرة والكبيرة التي يتوجب حلها قبل انقضاء اليوم الواحد ومع كل إشراقة شمس تتكرر تلك القائمة وقد تضاف إليها بنود جديدة، وهي كلها بنود حيوية ومهمة تتعلق بمأكل ومشرب وسلامة وراحة ومستقبل وأمن أعضاء الأسرة، وبالإيثار المعروف عنها تنسى المرأة العراقية همومها وطموحاتها من أجل الآخرين، لكن المشاغل  ليست هي فقط ما يدفع العراقية إلى عدم الاهتمام بمشاكلها، فهناك أيضا المسترزقون (من الرجال والنساء) الذين أثبتوا أكثر من مرة أن تبنيهم ودفاعهم عن حقوق المرأة ليس إلا وسيلة للحصول على أموال وخدمات وامتيازات ورحلات مجانية، وهناك أيضا من يسيس قضايا النساء ويتعامل معها كموضوع انتخابي أو تشهيري أحيانا لتحقيق مكاسب سريعة ويقدم وجوهاً سيئة لتبني قضايا المرأة وهو ما يدفع النساء العراقيات إلى الابتعاد عن اتخاذ موقف محدد من قضاياهن، وهناك ما هو أخطر من كل ذلك والمتمثل في النظرة المجتمعية للمطالبات بحقوق النساء على أنهن مجرد عوانس ومطلقات أو حتى مستهترات يسعين لإشاعة الانحلال في المجتمع تنفيذا لأجندات خارجية كما يشيع الظلاميون والفاسدون.قائمة طويلة من الأسباب تدفع العراقيات لتجاهل القضايا النسوية وعدم المبالاة بالناشطات وبالمنظمات النسوية، وتقويض هذه القائمة يحتاج إلى جهد كبير، وعندما تباشر العراقيات الاهتمام بقضاياهن ومشاكلهن بلا خوف أو تردد يكون الوطن آنذاك قد بدأ السير في الطريق الصحيح.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram