عامر القيسيقال أحد البرلمانيين إن رئيس الجمهورية لا يملك العصا السحرية لحل الأزمات المستعصية في البلاد. ربما يكون هذا التشخيص إحدى حقائق المشهد السياسي العراقي، وهي إشارة إلى عمق الأزمات أفقيا وعموديا ، وأن مام جلال لا يستطيع رغم حنكته السياسية وحكمته أن يحوّل التراب إلى ذهب،
خصوصا في أجواء التخندقات والتقاطعات المستحكمة التي تحكم العلاقات بين القوى السياسية المتنفذة والمتربعة على هرم السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.واحدة من ألعاب العصا السحرية أن تجتمع مجموعة من اللاعبين حول طاولة عليها عصا سحرية ثم يبدأ العد العشوائي من واحد إلى خمسة ومن يصل إليه العدد خمسة يتسلم العصا السحرية ويحوّل أحد اللاعبين الذين يختارهم إلى أي شي في باله.إلى وردة أو بطة أو أي شيء يخطر على بال ممسك العصا، ومن شروط اللعبة، أن يستجيب الذي يقع عليه اختيار التحوّل إلى رغبة حامل العصا ولكن " دون زعل " ورغم ذلك يحدث الهرج والمرج أثناء اللعبة بسبب الاعتراضات على رغبات ممسك العصا التي قد يستنكف " المتحوّل" من أداء الدور المطلوب منه!!والسؤال الذي نطرحه: ماذا يستطيع مام جلال أن يفعله في لعبة العصا السحرية أمام قوى وليس لاعبين هواة، متخندقة وغارقة في كوارث التحاصص والفئوية والطائفية والحزبية والمصالح والامتيازات والتصارع القاسي على الكراسي بوجود لاعبين من خارج اللعبة يتحكمون إلى حد كبير في قبول أو رفض التحول المطلوب منهم في هذه اللعبة التي لا تروق للكثيرين؟!مام جلال الذي تتجه الأنظار إليه باعتباره ماسكا عصا التحول المحتمل سيجد نفسه في مواجهة لاعبين، هو أدرى بفنونهم القتالية وزوغاناتهم وانتهازيتهم وتقلباتهم السياسية من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين،وسيجد نفسه أيضا أما اختيار لتحول جميع اللاعبين إلى أشكال أخرى والانتقال من اللعبة الجهنمية التي يلعبونها مع الشعب العراقي إلى لعبة التحوّل إلى ورود أو بطّات جميلة هادئة ومطمئنة.في حدود ما يمكن لهذه اللعبة على مستوانا السياسي أن تحقق بعض التقدم،لكنه سيكون التقدم والتحرك الموضعي في المكان نفسه، لأن القوى التي بقيت طوال فترة التحول من الدكتاتورية إلى فوضى الديمقراطية عاجزة عن قيادة العراق باتجاه الهدف المعلن في الشعارات والبرامج الانتخابية، ستكون عاجزة بالتأكيد عن التحول السلس في لعبة لا يريد الكثيرون أن يكونوا عناصر التحول فيها وغير راغبين في ذلك، لأن الوضع الحالي بأزماته ورشوحاته هو الوضع المثالي لهم لتحقيق مصالحهم الفئوية والطائفية والحزبية،وبالتالي المراوحة والتسويف والالتفاف على الاتفاقات الشفاهية منها والمكتوبة هي السياسة الرسمية غيرالمعلنة لهذه القوى التي ستقبل المشاركة في لعبة العصا السحرية وتعرقل في الوقت نفسه تحولاتها الممكنة!!هذه الرؤية ليست تشاؤمية،وستكون كذلك لو أن القوى السياسية في البلاد اقتنعت وتأكدت أن المنهج الذي تسير عليه الدولة والحكومة معا بالترابط مع عقلية القوى الأخرى الباحثة عن المكاسب، هو منهج خاطئ لايوصل القطار العراقي إلى المحطة التي يتمنى العراقيون أن يصل إليها، وستكون كذلك لو أن هذه القوى أعلنت بوضوح وصراحة إعادة النظر في المنهج الذي قامت عليه العملية السياسية برمتها التي أدت بنا وبهم إلى هذه النتائج الكارثية منذ تسع سنوات. هذا المنهج لايشمل فقط استحكامات المالكي وجوقته في التحالف الوطني وإنما القوى الأخرى كالعراقية والتحالف الكردستاني اللذين يتوجب عليهما أن يعيدا قراءة منهجهما قراءة نقدية صارمة لكي تستطيع العصا السحرية أن تؤدي دورها في اللعبة وأن ينهض مام جلال بمهمة شاقة بقيت عصية على الحلول حتى اللحظة!
كتابة على الحيطان: مام جلال وأزمة العصا السحرية!
نشر في: 29 أغسطس, 2012: 09:33 م