TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > أحاديث شفوية: مكيافلي معاصرنا

أحاديث شفوية: مكيافلي معاصرنا

نشر في: 29 أغسطس, 2012: 09:49 م

 احمد المهناأصبح الناس في هذه البلاد بلا زعيم، ولا نظام، مغلوبين على أمرهم، ومسلوبة أموالهم، وممزقين، واذلاء. وغدت البلاد بلا حياة تقريبا، تتطلع الى ذلك الانسان الذي يمكن له أن يداوي جراحها، وان يضع نهاية لدمارها ونهبها، وأن يشفي بثورها المتقيحة منذ أمد طويل.
وهاهي تبتهل الى الله في كل يوم أن يبعث اليها بمن ينقذها من هذه الفظاظة البربرية والحمق الأعمى. انها على استعداد، وتواقة الى اللحاق بكل راية، شريطة أن يكون هناك من يحملها ويرفعها.هذه الكلمات، التي أنشأها مكيافلي عام 1513، تصلح ان تقال في حال العراق اليوم. كما تصلح أن تقال، منذ الحرب العالمية الأولى الى اليوم، في أحوال بلدان غير قليلة "لا تختلف من ناحية ما فيها من عدم استقرار وفوضى، عن الأوضاع التي كانت سائدة في دول المدن في ايطاليا أيام مكيافلي". ولذلك، ولأقوال وأفكار كثيرة أخرى، وطالما ظل الاهتمام بمصائر البلدان والانسان قائما، سيظل"مكيافلي معاصرنا".ولعل من ينتسبون الى بلدان "الفظاظة البربرية"، يدينون بالفضل له أكثر من سواهم، اذا ما سنحت الفرصة أمامهم لزيارة عمارته الفكرية، والتجول فيها، والتحدث معها، والاستفسار عن كنه موادها، وتكويناتها، ومضامينها، والتنور باجاباتها، والتعلم من ضراوة معايناتها، وتَفَهُّم نصائحها. وهم يكونون في هذه الحال أشبه بمن نسي اقامته في خرابة مزرية، ولبث لبرهة عزيزة وعميقة من الزمن في عمارة خلابة. ولعل في سحر العمارة دواء آجل لبؤس الخرابة.وباقتباس بعض أقواله، وأقوال آخرين عنه، نختتم سياحتنا، التي ربما طوَّلناها، مع من هو بنظر مفكرين كثيرين "الرجل الحديث الأول". وهذه عينات أو "صوغات"من النوعين:- ان خير قلعة يقيمها الأمير لحماية نفسه تكون في أفئدة شعبه.- قد يستطيع المرء بقتل مواطنيه، وخيانة اصدقائه، وتنكره للعهود، والتخلي عن الرحمة والدين، أن يصل الى السلطان، ولكنه لن يصل بهذه الوسائل الى المجد.- عندما يدخل الأجنبي القوي إمارة فإن الضعفاء من أهلها يصبحون فورا من أنصاره.- الأمير الذي لا يتصف بالحكمة لا يمكن أن يشار عليه بطريقة صالحة.- الانطباع الأول الذي يتكون عن الأمير وعن تفكيره يكون في رؤية اولئك الذين يحيطون به.- يتمتع الشيء العادل دائما بالجمال، ويكون ضروريا، وليس في وسع اي قوة أن تدمره أو تقضي عليه.- أفضل وقاية من النفاق هي جعل الآخرين يدركون أنهم لن يسيئوا إليك اذا جابهوك بالحقيقة.- على الأمير قبل كل شيء أن يمتنع عن سلب الآخرين ممتلكاتهم، اذ ان من الأسهل على الانسان ان ينسى وفاة والده من ان ينسى ضياع إرثه وممتلكاته.* فرنسيس بيكون: إن علينا دَيْناً كبيرا تجاه مكيافلي، وبعض الآخرين، الذين وصفوا ما يفعله البشر، وليس ما عليهم أن يفعلوه.* روسو: كان مكيافلي يتظاهر باعطاء دروس للملوك بينما كان يعطي دروسا عظيمة للشعوب. ان "الأمير" هو كتاب الجمهوريين.* ماركس في رسالة له الى انجلس وصف "الأمير" بـ "المؤلَف الرفيع" لأن صاحبه واحد من الذين "بدأوا ينظرون الى الدولة بعين انسان ويستخلصون قوانينها من العقل والتجربة، لا من اللاهوت".* أرنست كاسيرر: نظر مكيافلي الى السياسة نظرته الى لعبة شطرنج. وقد علمته خبرته أن لعبة السياسة لا تلعب البتة دون خداع ومكر وغدر وجريمة. وهو لا ينتقد هذه الأشياء أو يحبذها. فاهتمامه منصب على التوصل الى الحركة المؤدية الى كسب المباراة، متناسيا اننا لا نلعب المباراة السياسية بقطع شطرنج وانما ببشر حقيقيين من لحم ودم، وان سراء هؤلاء البشر وضراءهم هي موضوع النقاش.* كافين رايلي: كتاب "الأمير"، هذا السِفر الصغير، نال من الثناء واللعنات، وترك من الأثر، ما يفوق اي كتاب آخر. فقد وسم بأنه من عمل الشيطان، وبأنه فاتحة علم السياسة، وبأنه ترنيمة للحرية، وبأنه سخرية ونكتة وتحذير، وإلهام الهي- ومجرد وصف للواقع السياسي. وقد أعلن نابليون بونابرت، بعد مضي ثلاثة قرون على تأليفه، انه الكتاب السياسي الوحيد الذي يستحق القراءة. وحتى اليوم تتزايد تفسيراته المتنوعة. ولكن لعل الشيء الوحيد الذي يتفق عليه الجميع هو أن الكتاب بالغ الأهمية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram