عامر القيسي أخيرا اقتنع السادة الكرام في مجلس نوابنا الموقر ، بالمثل العربي الذي حفظناه عن ظهر قلب في المرحلة الابتدائية ( الوقت كالسيف ان لم تقطعه قطعك ) . وصحوا على صدمة الوقت التي قطعت عليهم نزهة السنوات الاربع ، فاكتشفوا اخيرا أن عليهم ان يجتمعوا مرتين في اليوم أو خمسة اجتماعات في الاسبوع، مع الاصرار على عطلتي الجمعة والسبت لاصلاح ماأفسده الدهر !!
واكتشفوا اخيرا ايضا ، وهو مايسمى في مباريات كرة القدم بالوقت الضائع ، ان امامهم ملفات ساخنة وعشرات القوانين التي كان يجب عليهم في الاقل مناقشتها ، في حين انهم يعرفون جيدا ، كم من الوقت الثمين اضاعوه في قراءات اولية وعاشرية لقوانين من المفترض ان تقر منذ القراءة الاولى ، كقانون اتفاقية الزيتون على سبيل المثال لا الحصر ، لانه اخذ وقتا قياسيا بسبب اختلاف الكتل السياسية على اي نوع من الزيتون سنحصل عليه او نحافظ عليه أو نزرعه في أراضينا شحيحة المياه ! بينما بقيت اهم القوانين تراوح في اماكنها في ادراج النواب انفسهم أو على رفوف مكاتبهم في المجلس أو انها كانت تعرض للفرجة فقط من باب رفع العتب او التراضيات التي عطّلت دور مجلس النواب .امام هذه الصحوة المفاجئة وامام اكتشاف احد النواّب ان رواتب ومخصصات 35 نائبا تعادل ميزانية محافظة بأكملها ، تطرح مجموعة اسئلة مثيرة للأسى من طراز : اين كان سادتنا النواب من اكتشافاتهم الخارقة للطبيعة البشرية، ذهبية الزمن وهدر المال العام وتعطل تشريعات البلد ؟ هل من المقنع ، بأية نسبة من النسب ، ان تكون هذه الحقائق قد أطلت برأسها دفعة واحدة ليندهش السادة النواب الكرام من معرفتها ؟ نترك الاجابة لحقائق السنوات الاربع ، لكننا نود أن نبشر نوابنا بان لجانا متعددة ومتخصصة من مختلف بلدان العالم الديمقراطي العريق والمتحضر ،ستشكل وتأتي الى برلماننا العتيد لتدرس تجربتهم التي اتسمت بروح المسؤولية العالية والسهر الذي مابعده سهر من اجل بناء الديمقراطية في العراق وتقديم الخدمات للمواطنين وتشريع القوانين المهمة بسرعة البرق ، بل باسرع من زمن تشريع قانون امتيازاتهم وامتيازات عوائلهم ، بعد ان يكونوا قد اتموا ماعليهم بسلام وضمير مرتاح !!تجربة النواب ستدرسها ، على ما اظن ، اعرق الاكاديميات الديمقراطية في امريكا واوروبا ، لان المثل الذي ضربه نوابنا الكرام للمجالس النيابية في العالم ، كان مدهشا حقا في كل تفاصيله . والادهاش الاقوى ، ان النوّاب الكرام امتلكوا الجرأة والشجاعة ليقولوا كلمة حق فيما آلت اليه امور مجلس النواب . وهي شجاعة يشكرون عليها ، لانها ستفيد القادمين الجدد لكراسي المجلس .بعضهم يعترف علنا بان الوقت المتبقي لم يعد كافيا للعمل في حين ينادي البعض الآخر بضغط الزمن، فيما بقي فريق ثالث بانتظار على من تقع القرعة !والمثير للدهشة في سلوك ممثلينا الكرام ، ان معظمهم كان حتى فترة قصيرة ،يصم الآذان ، عن المطلب الشعبي الجماهيري باعتماد القائمة المفتوحة طريقا للعراق الديمقراطي الجديد وخاضوا صراعات مضنية من اجل تثبيت اختيار المغلقة ، لكنهم اضطروا الى تبني المطلب بعد ان اعلنت مرجعية السيستاني اعتمادها مشكورة وتبنيها المطلب الشعبي قبل نواب الشعب انفسهم !
وقفة: صحوة مجلس النواب
نشر في: 19 أكتوبر, 2009: 06:06 م