اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > من يُحاسب الإباحية؟

من يُحاسب الإباحية؟

نشر في: 1 سبتمبر, 2012: 07:11 م

لينا مظلوم* واكب انطلاق تقنية الأقمار الصناعية التي جعلت الفضائيات حقا متاحا لسكان الأرض عملية "المتاجرة" بهذه الثورة التكنولوجية الهائلة التي تنقل أحداث أقصى بقعة في العالم دون أن نبرح أماكننا  بمجرد الضغط على جهاز تحكم..في البداية وجدها بعض "التُجار" الفرصة الذهبية كي يفتحوا "مول" لعرض أقدم بضاعة في التاريخ و أكثرها ضمانا للربح.. هي مهنة مخاطبة الغرائز و الشهوات.. و انتشرت القنوات الإباحية مقابل مبالغ يدفعها المشتركون..
 حتى تنبهت التيارات الدينية إلى هذا "المول"..لتقرر الدخول في مواجهة مع هذه القنوات- فهذه التيارات لم تختر عبر تاريخها المواجهة من منطلق شجاعة الدفاع عن المبدأ.. بل وفقا لما تتطلبه مصالحها- مثلا إصرار أفرادها على تشييد الجوامع جوار البارات أو الملاهي الليلية ليس بوازع إيماني ,إنما بهدف إثارة السؤال القنبلة..لمن يكون حق البقاء.. للجامع أو البار؟!اقتحمت التيارات الدينية بمختلف توجهاتها السوق الفضائي لتصبح "رادارا" نشطا يبث بين مشاهديه-خصوصا الشباب- رسائل الإرهاب و التطرف و تكفير الرأي الآخر..لكن يبدو أن هذا الدور لم يعد كافيا لتحقيق نسب المشاهدة العالية التي تسعى لها هذه التيارات.. عندها لم تجد هذه القنوات ,التي تزعم التعبير عن أسمى القيم الروحانية ,حرجا من التدني إلى مجاراة  القنوات الإباحية في أساليب الإثارة و الفُحش و البذاءة.. لعلها تجد بين هواة متابعة القنوات الإباحية من يستهويهم شكلا مختلفا للبذاءة و هي ترتدي عباءة الدين..في مصر بدأت هذه القنوات مؤخرا التنافس على إطلاق أقذر الشتائم و الصفات و نهش الأعراض على كل المختلفين فكريا مع التيارات الدينية و على دعاة الحفاظ على مصر دولة مدنية في مواجهة هجمة جماعة الإخوان المسلمين نحو"أخونة" كل مؤسسات الدولة.. خلعت هذه القنوات وجه التسامح الديني و عفة اللسان- و هي المُفترض أبرز صفات و شروط الداعية المسلم- .. لتتحول إلى "دكاكين" تُستباح فيها أعراض و سمعات أدباء و كُتاب و فناني مصر- تحديدا الفنانات- بل إن فتاوى إهدار دم كل من تسول له نفسه الاعتراض على جماعة الإخوان أو أي من التيارات الدينية أصبحت تُطلق يوميا عشرات المرات عبر هذه القنوات دون رادع.. و اعتبر أحد مشايخ هذه القنوات أن الفن هو صناعة الدعارة.. و نهش أعراض فنانات مثل إلهام شاهين بتهمة الزنا و هالة فاخر التي هددها بالضرب بالحذاء لمجرد إبدائها رأياً لم يعجبه.. كما اعتبر عادل إمام كافراً من أهل النار..و نجيب محفوظ أديباً داعراً! و المسيحيين هم رأس الكفر و أساس التخريب!!!.. و الأمثلة لا حصر لها. و كلما تمادت هذه القنوات في سعيها إلى جذب نسبة مشاهدة أعلى عن طريق الخوض في الأعراض و النميمة الجنسية..كلما اقتربت من مضمون  القنوات الإباحية التي تتخذ من إثارة الغرائز سوقا لعرض بضاعتها ..الأمر المثير للدهشة أن حُكم جماعة الإخوان في مصر استهل عهده بإغلاق القنوات المعارضة له و التعدي بالضرب على الكتاب و الإعلاميين .. و تقديم البلاغات ضدهم إلى القضاء تحت بند تهمة "مطّاطة" هي إهانة الرئيس و إثارة القلاقل و الفتن.. دون أن يُحرك احد من "الإخوان المسلمين!!" ساكنا ضد "دكاكين البذاءة" التي لم يسلم منها احد , وكأن الإهانة تشمل فقط الرئيس و جماعة الإخوان و ذراعها السياسي حزب الحرية و العدالة.. أما من عداهم.. فأعراضهم و شرفهم مُستباح لكل من هب و دب أو جلس أمام كاميرا الفيديو..أخيراً ..رغم تقديم بعض الفنانات  ممن طالهم السب و التجريح  بلاغات إلى القضاء ضد مشايخ هذه القنوات .. يرى غالبية مُثقفي مصر أن هذه الهجمة الشرسة لن تتوقف أمام مجرد أسماء محددة.. إنما هي  بداية عملية اغتيال معنوي جماعي يستهدف التيار المدني و دعاة التنوير  و أصحاب الرأي المعارض لأخونة الدولة . *كاتبة عراقية مقيمة في القاهرة

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram