سلام خياط هل مضى ذاك الزمان -إلى غير رجعة- يوم كان الضمير (صوت الله في الإنسان) حيا،، يقظا، رادعا، يقرع من يشهد زورا، أو يخون أمانة، بأوجع من ضرب السياط؟ ويعاقب من يغتصب حقا، أو يتهم بريئا، بالحرمان من الطمأنينة وراحة البال، بانتظار ((الحوبة)) تصيبه وتلاحقه بأبنائه وأمواله وصحته، ولو بعد حين؟
rn مضى ذاك الزمان الذي صدقنا فيه حكايا حقيقية، ترددها الأمهات والجدات، كدروس مستنبطة، في الأخلاق، تحذيرا من الخيانة وشهادة الزور، والغش وإيذاء الآخرين؟؟rn… كان يا ما كان، رجلٌ دُعي للشهادة في محكمة حول عدم أحقية يتامى في إرث والدهم في إرث الجد. كان الرجل يدري إنه سيشهد زورا بعد إغراء من العم الجشع، بمال ومنصب، إن هو شهد بما لقنه به العم.rnفي اليوم المحدد للمرافعة، نودي على الشاهد للمثول أمام هيئة المحكمة، ودعي للقسم وحلف اليمين … وضع الرجل كفا مرتعشة على كتاب الله، وردد بصوت راعف بالضعف: أقسم بالله العظيم وكتابه هذا أن أقول وأشهد بالحق، ولا شيء غير الحق. rnراودت الرجل رجفة كما البرداء تعتري محموما، تلعثم لسانه لحظات والحاكم يطلب منه أن يسرد ما يعرف بشأن الدار موضوع النزاع، تكلم بجهد واضح: إن العم قد أشترى من الأب المتوفى حصته من الدار الكبيرة، ولعامل الثقة بينهما، تأخر تسجيل العقار كاملا -باسم العم- في دوائر التسجيل العقاري (الطابو) وزاد بأنه كان حاضرا وشاهدا حينما تسلم الأب المتوفى مبلغ الحصة عدا ونقدا.rnحين انتهى الشاهد من الإدلاء بشهادته –الملقنة- توجه لمغادرة قاعة المحكمة ,, وهنا مادت الأرض تحت قدميه، وخارت قواه، وأحس بكيانه يدور كمصرع، ترنح كسكران وغمرته غشية حاول تلافيها بالتماسك، وما أن تجاوز عتبة القاعة حتى جحظت عيناه ثم سقط مغشيا عليه.. هرع نحوه بعض الحضور، قلبوه يمنة ويسرة، فوجدوه قد فارق الحياة….. ولكنهم حاروا في أمره حين اكتشفوا إنه عض على لسانه بأسنانه.rnحتى نز منه الدم!!rnهذه حكاية قد تصلح للسرد على مسامع طلاب المدارس الابتدائية –أدري- لكنها تفرض حضورها ونحن نشهد جمهرة من شهود الزور، الذين أقسموا بكتاب الله أن يذودوا الأذى عن الوطن والمواطن، ويحافظوا على الأمن والاستقرار ويصونوا الأمانة ويوفوا بالعهد،، ثم حنثوا بقسمهم ونسوا أيمانهم، دون أن تجحظ عيونهم، أو تعتريهم رجفة الموت، أو يصيبهم الشلل.. ودون أن يعضوا على ألسنتهم حتى ينز منها الدم.!! rnrn
السطور الأخيرة: ضمير مستتر، تقديره!!!!
نشر في: 3 سبتمبر, 2012: 06:28 م