عواد ناصرالمطبوعات الثقافية الدورية في العراق، اليوم، هي صورتنا الإبداعية التي يرسمها مبدعونا ومفكرونا وفنانونا، في تصانيف متنوعة، بعضها خرج على شكلنا التقليدي المعروف: افتتاحية تنوه بقيمة العدد الجديد وتستعرض أهم مواده المنشورة، مع كشف بعض العثرات والمعيقات، كأن تكون مالية، مثلاً،
والآخر لم يزل موظفاً يحرره موظفو الحكومة، فهو يتحرك ضمن المحيط السميك للدائرة الرسمية، فلا تلاوين ولا خروج عن "الصدد" ولو باختراقات صغيرة، لكن ملحوظة، بشأن الفكرة والفكرة المختلفة، لأن نقد الذات لا يرد في ثقافة اليوم التي لم تزل تعاني أمراض أكثر من نظرية، بل إن بعضها سريري، بالفعل: الأمر يتعلق بسيكولوجيا الكبت التقليدي بمستوياته المختلفة، وأساليب التوريث النظري، المقصودة وغير المقصودة التي لم تزل سارية المفعول جداً.كثيرون، مثلي، انتظر أن تخرج علينا صحافة ما بعد صدام حسين، الثقافية خصوصاً، بلغة نقدية وفنية وتقنية جديدة، لكن الشرطي يبقى شرطياً: شرطي يقبع في أعماق الرأس يؤدي مهمته التقليدية في إعادة تأهيل خلايا الشغب وجموحات الخيال، أو هو تحت الجلد يوجه دمنا في شرايين من كونكريت ليتدفق باتجاه واحد ولا يعرف أن ثمة ما يطلق عليه: الدورة الدموية.شرطي آخر خرج من الرؤوس ومن تحت الجلد واستعار بدلة مدنية ورباط عنق، بألوان حديثي النعمة، وعرش أكبر من عرش لويس السادس عشر، وكمن في ناصية المشهد ملوحاً بصولجانه/ عصاه.الشرطي شرطي حتى لو أحيل إلى التقاعد، يدير عائلته بصافرة منذ الفطور حتى ساعة النوم.الشرطي شرطي حتى الموت."تاتو" جريدة شهرية تصدر عن (المدى) الناجحة، لكنها تتميز بما وصفته قبل أعوام بأنها "وقحة" بل "متبطرة" تشبه امرأة جميلة لا يمكن لها أن تتخلى عن موهبتها (الجمال) حتى وهي تلم شظايا الكريستال الثمين من على الأرض بينما تغالب دموعها على الفازة النادرة التي انكسرت للتو.الحب عدو الموضوعية، والموضوعية تعرف أنها عدو الحب.. وأنا أحببت "تاتو" من أول نظرة، وما زلت غير موضوعي.تنوع فني يثير الرغبة في القراءة المشوقة، بإخراج فني على شيء من البذخ.ثمة مرض صحافي مستوطن يصيب صحافتنا: احترام الصورة.الصورة في الصحافة الإنكليزية هي "المقال" والنص تزييني وتوضيحي!يحدث هذا في الكثير من المواضع لا كلها، طبعاً.. حسب رؤية مسؤول الصفحة الذي يتماشى مع المخرج والمنفذ، على أن يتماشى مع رئيس التحرير، بافتراض أن الجميع، هنا، يؤمنون بضرورة الصورة وجمالياتها."تاتو" تكاد تشفى من هذا المرض، فثمة صفحة آخر الجريدة مكرسة كلها للصورة كلها. لكن "تاتو" تنشر بعض الصور المرافقة للمقالات بشيء من التقتير، وأعني عدد الصور أو حجم الصورة الواحدة.اقتراحات:أرى أن لا تبدأ صفحات الجريدة بأخبار النشاطات الثقافية والإصدارات بل تؤخر إلى آخر صفحتين فيها.أن تفصل المقالات بين موضوع ومترجم، كأن يخصص للمترجم صفحات تحت باب (لوغو) باسم: "اللغة الأخرى"، مثلاً، أو أي اسم مناسب غيره.وكذا يصح على مراجعات وقراءات الكتب، ومثله على المقابلات وهكذا...ينطبق ما سبق على أبواب أخرى مثل تلفزيون، سينما، موسيقى، تشكيل...إلخ.فما علاقة مقالة عن (تاريخ النساء القارئات) بصفحة (جماليات)؟ هذا مثال واحد.. إنه مقال يدخل تحت باب (مراجعات الكتب).لماذا تنشر مقالات مترجمة في السينما، تحت باب (متابعات)؟ هذا مثال آخر.فتح نافذة خاصة بالمرأة الكاتبة أو الفنانة (ممثلة، مخرجة، رسامة، إلخ) على شكل صفحة حرة تختار فيها الكاتبة ما تشاء للتعبير عما تراه بشأن يومياتها، أحلامها، مشاهداتها، تجاربها...إلخ.. هذا جزء يسير لتكريم النصف الحلو وإتاحة الفرصة له للتعبير عن نفسه وسط حصار الذكور المدرعين."تاتو" وشم جميل في ظاهر اليد الصحافية العراقية الجديدة.
حرف علّة: تاتو.. الوشم الجميل
نشر في: 3 سبتمبر, 2012: 07:30 م