TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > هوية النصّار المسرحية

هوية النصّار المسرحية

نشر في: 3 سبتمبر, 2012: 07:32 م

أمـــــير هشـــــاميحاول المخرج العراقي المبدع كاظم النصار تحديد مسار له ادخل أروقة المخرجين الرواد المبدعين أمثال (صلاح القصب، جلال جميل ، قاسم محمد، سامي عبد الحميد) الخ، في تنصيب مفاهيم جديدة قديمة (متناصة) عن المسرح العالمي لتكون له هوية في المسرح العراقي بشكل خاص والمسرح العربي بشكل عام.
 تم عرض مسرحية (مطر صيف) للمخرج (النصار) من تأليف الكاتب المتألق (علي عبد النبي الزيدي) وتمثيل الفنانة القديرة الغائبة عن المسرح العراقي هناء محمد والممثل الرائع فاضل عباس لمدة ثلاثة أيام اعتبارا من 10/7/2012 الساعة السابعة مساءً على قاعة المسرح الوطني. وتميز العرض بلغة تقوم على أساس نظام دلالي يعرف بنظام العلامات (الإشارات) المرئية والسمعية، استخدمت في داخله لغات نقل الأفكار بين شخصيتين (الزوج والزوجة) بأسلوب تعبيري لإيصالها إلى الجمهور، رغم إن النص كان محبطا ومشبعا باللغة المأساوية، إلا إن النصار، حاول أن يثير الابتسامة والأمل وديمومة الحياة في بثه، لصور وتشكيلات إثناء العرض المسرحي (الزوج والزوجة) والأجساد المعلقة في عمق المسرح التي تشير إلى الذاكرة بين الحين والآخر، أطلقت عليها تسمية (الأجساد المعلقة) أو (الشخصية المعلقة) المعروفة لدينا مسرحيا، إضافة إلى المؤثرات الموسيقية والأغاني و(الهلهولة)، إلا انه يوقظ ويستفز الجمهور برعب دقات الباب، ودخول الرجل المستنسخ، معتمدا على أداء ممثل في سرديته وآليته ومردودية أفعاله النفسية في إثارته لتلك الذاكرة في هلوسة ذاتية مطلقة، تحاول أن تقنع المشاهد نحو الخطاب المسرحي في إثارة الألم والمتعة والرغبة نحو اللذة وتحريك الجانب النفسي والجسدي عنده، بأداء هناء الذي كان اخف من ريشة رسام على لوح خشب، ومهارة  فاضل في التحول النفسي والجسدي لأكثر من شخصية في آن واحد. اعتمد الزيدي في نصه على مفاهيم رئيسية (الحرب- الانتظار – الإحباط) بينما اعتمد النصار في العرض على الممثل وتقنياته البسيطة في زج مفاهيم جديدة وهي (السلطة الجنس) معتمدا عليها في عروض سابقة كـ(نساء في الحرب- وخارج التغطية)، وهذا ما جعله ينتمي إلى سجنوية سلطوية فوكو وباحثا عن الغريزة عند فرويد، محاولة لتأكيد ذاته في دائرة هيغلية ديالكتيكية جديدة، من خلال تعامله مع (غرفة النوم- وسائد- مرآة- طاولة- ملكانة جسد - أزياء تغير أثناء العرض). ويختار النصار دوما النصوص التي تحمل شخصيات ذات أفكار وهموم استرجاعية مستخدما تقنية (flashback) وما تحمله تلك الشخصيات من هواجس وخيال وأحلام تعيش على الماضي، إضافة إلى استخدام تقنية (مسرح داخل مسرح) في ذكره لشخصية مسرحية عالمية، إلا انه تخلى عن التقنية الثانية في عرضه الأخير، فيعتبر النصار من مخرجي ما بعد الحرب، (الحرب) التي تخلف وراءها الويلات والدمار، وفي نفس الوقت تنتج وتشرق لنا مبدعين وخلاقين في الثقافة بشكل عام والمسرح خاصة، وهذه هي نتاجات الحروب والكوارث وفي لمحة إخراجية تشكيلية دائرية في أداء هناء في بحثها عن الرجال الذين فقدوا وطالت غيبتهم وظلت النساء وحيدات بدون رجال اثر الحرب، أشار النصار كتابيا في كلمته الموثقة في (فولدر العمل) (....ننتظر أكثر من ثلاثة عقود بعدها نحصد القش....الخ) في التفاتة ذكية من المخرج في تحييد أزمة الحروب في زمكانيتها المختلفة وتحميلها مفاهيم (الأسر- الهجرة- السلطة- الجنس) داخل ثنائيات ديالكتيكية (الأنا والآخر) (الرجل والمرأة) (الوطن والخارج) (الجسد والنفس) (الحياة والموت) (العاطفة والجنس) وبهذا يمكن أن نسميه مسرح النصار بمسرح ما بعد الحرب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الإعمار تكشف عن مشاريع جديدة ضمن الحزمة الثانية لفك الاختناقات المرورية

المشهداني ينفي صحة تصريحه حول إمكانية تأجيل الإنتخابات

العراق يوقف تصدير فائض الحنطةلمواجهة الظروف الطارئة

أسعار الدولار بالعراق تستقر على ارتفاع

العراق: يجب احترام إرادة الشعب السوري بعيدا عن التدخلات الخارجية

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram