اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > أوجين سو.. من متأنق باريسي إلى مصور بارع لبؤس القرن التاسع عشر..

أوجين سو.. من متأنق باريسي إلى مصور بارع لبؤس القرن التاسع عشر..

نشر في: 19 أكتوبر, 2009: 06:41 م

ترجمة: عدوية الهلالي قال عنه الاكسندر دوماس انه "كان يعشق الناس الذين يصورهم في كتاباته، ولهذا منحهم شهرته ونجاحه".. بهذه الطريقة تحولت سلسلة (اسرار باريس) التي نشرها الكاتب اوجين سو في صحيفة "جدالات" ابتداءا من عام 1842 الى شهادة رائعة عن الحياة الباريسية وعن البؤس الذي كان يعيشه الفرنسيون خلال القرن التاسع عشر...
كان سو قد ابتعد عن الاسلوب الرومانسي الذي طبع عصره ليصور الواقع في ابشع حالاته مذكرا بكتابات  (ريتشارد ديكنز) الواقعية التي ظهرت في انكلترا في الفترة نفسها..ورغم تقديمه بعض الشخصيات ذات الصبغة الرومانسية الى حد ما كما في رواياته (البومة) و(ناظرة المدرسة) فقد قدم ابطالا مخذولين ايضا كما في روايته (زهرة ماري) وواصل الكتابة عن الانحطاط الاخلاقي وتسلطت عليه فكرة تصوير عيوب المجتمع بدلا من جمالياته، ربما لارتباط ذلك بحياته الخاصة اصلا اذ كان سو جراحا قديما في سلك البحرية ولم يفطن حتى كيف انزلقت قدمه ليدخل عالم الادب، ذلك انه لم يكن طموحا وامضى شبابه في التأنق والمشاركة في ناد للفروسية لولعه الشديد بالخيول بعد النساء الجميلات دون شك....فجاة، يفقد سو ثروته على المقامرة والعبث في عام 1836 فيبدو محطما تماما، ويبدا باعادة التفكير في طريقة حياته فيكتشف انه كان يستخف بآلام المجتمع ولايفكر الا بنفسه لذا يحول اهتمامه كليا الى الغوص في بؤس المجتمع فيبدا بنشرسلسلة قصصه التي ارتبط نشرها بفضائح اجتماعية كبيرة في المجتمع الباريسي آنذاك دون ان يتوقف عن نشرها..كان سو يكتب بطريقة المحلل الاخلاقي الى جانب كونه روائيا فلم تفلت منه حتى التفاصيل الصغيرة وهو يصور الاكواخ الفقيرة والمناظر الطبيعية التي دمرتها الحواجز الباريسية وحياة العاهرات وكل مايدور في العالم المظلم للطبقات الفقيرة التي لايذكرها المؤلفون الا قليلا.. كل هذه التفصيلات التي وردت في سلسلته القصصية المنشورة في صحف ذلك العصر، اعادت المؤرخة الفرنسية جوديث ليون كاين نشرها مؤخرا في كتاب من 1312صفحة حمل عنوان "اسرار باريس" لأوجين سو عن دار غاليمار للنشر..ضمن سو رواياته شخصيات ايجابية مثل الامير رودولف الذي لايتردد في مواجهة عار المجتمع وكونت سانت ريمي او الكاتب العدلي فيراند اللذان يضحيان بانفسهما من اجل العدالة، لكن الصبغة الاكثر تاثيرا كانت للبربرية التي سادت سلوك الطبقات الدنيا وكذلك الراقية في المجتمع الفرنسي..قوبلت روايات سو لدى نشرها آنذاك بادانة واستنكار من المحافظين في الوقت الذي تبنى فيه ابناء اليسار الاشتراكي افكاره فيما بعد..وتدعو اعادة نشر الرواية الان الى الاستفادة مما تقدمه من فائدة اجتماعية اكثر مما تحمله من اسلوب ادبي، ذلك انها تشبه دليلا صادقا عن الحياة الباريسية وعن بؤس القرن التاسع عشر، يضاف الى ذلك ماقدمته المؤرخة كاين التي جمعت القصص من نقد ادبي رائع كتبه قراء القصص في رسائلهم آنذاك في الصحيفة نفسها اضافة الى فهرس يضم عناوين البحوث والدراسات الاجتماعية التي استمدت مادتها من كتابات اوجين سو..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram